أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة اليوم، أن من ثوابت العقيدة الصحيحة الإيمان الجازم واليقين بأنه لا يعلم أحد الغيب إلا الله عز وجل قال سبحانه ((قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون)).
وقال “آل الشيخ“: من هنا تعلم أيها المؤمن الدجل والكذب الجلي لكل من يدعي شيئاً من علم الغيب من الكهان والمنجمين وأصحاب الأبراج وقراءة الكف والطالع والفنجان، وغير ذلك من الظواهر التي يزعمون دجلاً وكذباً الإخبار بها فيما يقع في المستقبل أو ما هو غائب عن البشر كما هو ظاهر في وسائل الإعلام من نشر شيء مما يسمى بعلم الأبراج والنجوم ونحوه، مما هو قائم على أكاذيب مختلقة وخزعبلات متنوعة وذلك من علم الكهانة والتنجيم الذي لا حقيقة له في الواقع ولا في الشرع.
وأضاف: علماء الشريعة قد أجمعوا على تحريم مثل ذلك وتعاطيه والسماع له، فضلاً عن تصديقه والاعتراف به، قال ﷺ “من اقتبس شعبة” وفي رواية “علماً من النجوم اقتبس شعبةً من السحر زاد ما زاد“، وفي رواية في الصحيحين في الحديث القدسي من قاَل: “مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب“، فلما أراد أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه السير لقتال الخوارج اتفق المنجمون أن علياً وجيشه سيهزم لأنه خرج والقمر في العقرب، فقال رضي الله عنه بل نسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لقول المنجمين، فسافر رضي الله عنه بجيشه وأيده الله بالنصر والظفر،وفي معركة عمورية أجمع المنجمون على أن الخليفة المعتصم لن ينتصر فخالفهم وكذبهم وتوكل على الله وكان النصر متحققاً للمسلمين حتى قال أبو تمام: السيف أصدق أنباء من الكتب … في حده الحد بين الجد واللعب.
وأردف: أهل العلم قالوا لو سمعنا قضايا المنجمين الكاذبة لقام منها عدة أسفار، أي كتب كثيرة ورواية عديدة ولا يكاد يعرف أحد تعلق بمثل هذه الترهات فيما يأتيه ويذره إلا نكب أقبح نكبة مقابلة له بنقيض قصده فمن اطمأن إلى غير الله سبحانه أو وثق بسواه أو ركن إلى مخلوق يدبره أجرى الله له بسببه أو من جهته خلاف ما علق به كما في الحديث “من تعلق شيئاً وكل إليه“، ولقد بيّن الإسلام العلم الحقيقي للنجوم بأنها زينة للسماء وعلامات يهتدى بها لمعرفة الاتجاهات ومواسم الزروع ومواسم الفصول السنوية ونحوها، أما غير ذلك من أفكار منحرفة تحاول ربط الناس بغير خالقهم مالك الكون المتفرد بتدبير المخلوقات وتصريف الكائنات، فذلك زيغ عن الدين الصحيح والعقيدة السليمة، فتلك العلوم الزائفة والأخبار التي يتعلق بها بعض السذج مما يوقع الناس في الأوهام الزائفة والاعتقادات الجاهلية التي لا تبنى على أساس علمي ولا دليل شرعي، ولهذا من الكفر الصريح والمحادة للدليل الصحيح الاعتقاد بما يسمى بعلم التأثير، بمعنى اعتقاد أن النجوم مؤثرة فاعلة تخلق الحوادث من حروب وشرور، فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة، أما من جعلها سبباً للاستدلال بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا، فيدعي معرفة الأخبار الغيبية التي لم تقع وستقع في المستقبل بمطالع النجوم بما يسمى الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية، فهذا كفر بالله على التحقيق عند العلماء، لأنه ادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله وحده، فمدعي ذلك مكذب بالله سبحانه ولرسوله ﷺ .
وحذر إمام وخطيب المسجد النبوي المصلين من إتيان أو سؤال أو تصديق المنجمين والعرافين والكهان الذين يدعون الأخبار بعلم الغيب زوراً وبهتاناً ويعبثون بعقول السذج والأغرار ليأخذوا أموالهم ويفسدوا عقائدهم، كل ذلك مما حرمته النصوص الشرعية والأدلة القطعية روى مسلم في صحيحه عن النبي ﷺ أنه قال: “من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة” فأحذر أيها المسلم من المجيء إليهم وسؤالهم، فذلك من المحرمات الأكيدة والآثام القبيحة، وكل من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو داخل في اسم الكاهن والعراف أو مشارك له في المعنى فيلحق به كما قرره العلماء، فعلى المسلم أن يتوكل على ربه وأن يفوض أمره إليه سبحانه وأن يثق بحسن النظر فيما يقدر ويدبره ربه وليصدقه قلبك أيها المؤمن في اعتماده على خالقه في استجلاب المنافع والمصالح ودفع المضار والمكاره، قال سبحانه وتعالى ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)).