تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة، اليوم، عن الطلاق وأثره على الأسرة، موصيًا المسلمين بتقوى الله عز وجل.
وقال “البعيجان“: “الله تعالى قد حرم السفاح وأحل النكاح وجعله وسيلة للاستخلاف والبقاء قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً * وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ * إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، وقد جعل الله تعالى عقد النكاح ميثاقًا غليظًا، فرتب عليه حقوقًا وواجبات وشرع فيه أحكامًا وأنزل آيات بينات، فجعل أساس العلاقة الزوجية المودة والرحمة، وبهما تكون المحبة والألفة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
وأضاف: الله تعالى حث على حسن العشرة وبذل المعروف لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقوله تعالى: {أَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، مؤكدًا أن الله تعالى أنصف في الحقوق والواجبات فقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وجعل القوامة والولاية بيد الرجال لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، وحذر من الظلم والاذى والجور والبغي والعنت.
وبيّن “البعيجان” أن الزواج مسؤولية عظيمة وله حقوق جسيمة به تحصن الفروج، ويحصل النسل وبه السعادة والاستقرار، أبرم عقده بميثاق غليظ، ووطدت أركانه بولي ومهر وشهود.
وأشار إلى أن الله باح الطلاق، ولكن الأصل فيه الحظر، وإنما أبيح للحاجة ورفع الضرر، وأرشد الإسلام إلى حل المشاكل الزوجية قبل الفراق، فأذن حرصًا على البقاء في الوعظ والهجر والتأديب قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، كما ندب إلى الصلح قبل الطلاق.
وقال إمام المسجد النبوي: “إذا تنافرت القلوب وأصبحت غير قابلة للالتزام وانقطع الأمل ويئس من الوئام، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فالطلاق آخر الحلول، وأبغض الحلال، ولهذا رغب الشرع بالرد والمراجعة وجعل العصمة بيد الرجل فيمتلك حق الرجعة مرتين”.
وفي ختام خطبته، حذر “البعيجان” من المسارعة والاستعجال في الطلاق، وقال: “هو بداية التفكك الأسري والافتراق، وهو أساس النفر بين القلوب وتشتت شمل المحبوب وضحيته هم الأبناء الأبرياء”.