يبدو أن رسائل التحذير المتكررة في ما يتعلق بطلبات «الزواج الوهمي» التي تنتشر سريعاً عبر صفحات الشبكة العنكبوتية، لم تجد نفعاً في ردع متداوليها من تصديقها والجري خلف أوهامها لحين وقوعهم داخل شباك مصيدة المحتالين، حتى وصل الحال بإحدى الخطّابات أن تشترط على عملائها قبل اتفاق الطرفين والبدء في عملية الاحتيال إرسال بطاقة شحن بقيمة 50 ريالاً لضمان الجدية في الطلب والتأكد من هوية المتقدم.
والخطّابة أم روان استبدلت اسمها الصريح باسم مستعار يتناسب مع طبيعة عملها الذي تمارسه عند تلقي طلبات الزواج، وتشير من خلال بريدها الإلكتروني إلى أنها تعمل في المهنة منذ وقت طويل، ولديها القدرة على تزويج الراغبين في الزواج من الجنسين، إضافة إلى تقديم خدمة «زواج المسيار» للحالات الخاصة.
واستغرب الشاب أحمد العمري عند تلقيه رسالة إلكترونية من الخطّابة أم روان اشتراطها للبدء في البحث عن طلبه إرسال بطاقة مسبقة الشحن بقيمة 50 ريالاً كنوع من جدية المتقدم في الطلب، مؤكداً أن مهنة الخطّابة تحولت إلى مصيدة تستغلها الخطابات لصيد المتقدمين من الجنسين للحصول على مبالغ كبيرة من غير تقديم الخدمات المطلوبة في كثير من الأحيان.
وقال العمري: لو لم تجد هذه الخطابات إقبالاً على هذا النوع من الزيجات من جانب الشبان لانتهى سوقهن، بيد أن كثيراً من الشبان والفتيات للأسف أصبحوا يبحثون عنها وسط غياب الأهل والمجتمع، لافتاً إلى أن برامج الجوالات الذكية لم تسلم من ذلك، فبرنامج «هوز هير» يؤدي نفس الدور الذي تقوم بها المواقع الإلكترونية.
وتتفق المعلمة هند إبراهيم مع ما ذهب إليه أحمد، وتؤكد وصول رسائل مجهولة إلى بريدها الإلكتروني تحمل نفس المحتوى، غير أنها لا تلقي لها بالاً، مضيفة: لست الوحيدة التي تصلني مثل هذه الرسائل، وأتوقع أن هناك من وقع في الفخ وأنصح كل من تصله الرسائل أن يتعرف على مصدر الرسالة أو أن يحذف الرسالة مباشرة خشية الوقوع في الفخ.
واستطردت هند: للأسف أصبح الخداع عملية استرزاق عند البعض، ولا يبالي الكثير من هؤلاء في طريقة الحصول على المال حتى لو كان بالحرام، ويجب التحذير من مثل هذه الأعمال مع طلب التحقيق من جهات الاختصاص للحد من هذا الاستغلال.
من جهته، يروي نواف الحربي موقفاً حصل معه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تواصلت معه إحدى الفتيات وكانت تتواصل معه في شكل عادي، حتى تطور الأمر رويداً ومن دون مقدمات سردت له قصتها عن وضعها المادي وأن دخولها إلى الإنترنت والتواصل معه مرهون ببطاقة شحن تمكنها من الاستمرار في التواصل معه، موضحاً أنه رفض إعطاءها ما تريد ما أدى إلى حذفه من قائمة الاتصال.
وأكدت استشارية العلاج النفسي نورة العقلا للصحيفة أن شخصية المحتال والنصاب عادة ما تنمو في المجتمعات المتدنية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، إذ تكثر بعض سمات اضطرابات الشخصية النرجسية والتي تتسم بالحب المفرط للذات وتنفيذ الرغبات الشخصية بغض النظر عن مشروعيتها والشخصية المضادة للمجتمع، لافتة إلى أن حالته تتسم بمخالفة القانون وعدم الالتزام بالسلوك والمعايير الاجتماعية.
وقالت العقلا: «تتكون هذه الشخصية عبر تراكمات لسلوكيات تنتهك الحقوق والممتلكات، فهي منذ الصغر تمارس الكذب والغش والسرقة، إضافة إلى أنها لا تستطيع السيطرة على رغباتها تجاه ما تريد وتضعف أمام أي قدر من المال»، مؤكدة أن وضعها يتفاقم في ظل وجود مجتمع ذي ثغرات قانونية.
وأفادت بأن الوسائل التقنية سهلت عملية النصب وجعلت الوصول إلى الضحية أسرع وأسهل عبر عرض خدمات وهمية مثل الخطوبة أو كسب التعاطف بالتسول الإلكتروني لانتزاع مبالغ مالية تحت ذريعة الصداقة أو التعارف غير المشروع.