تهافت مواطنون على شراء «جهاز لقراءة القرآن الكريم على المياه المبردة للرقية « (جهاز الماء الشافي) أو «رسالة إلى الماء»، معتقدين أنه بديل عن القارئ الشرعي على الماء، وذكر وكيل الشركة المنتجة للجهاز يوسف بديوي أن 200 جهاز بيعت خلال شهر من نزوله إلى الأسواق السعودية، مبيناً «أن المشترين تعافوا من أمراض نفسية وجسدية كانوا يعانون منها بعد شرائهم الجهاز»، فيما اعتبر عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق الرقية بواسطة وضع الأجهزة الحديثة على الماء غير شرعية، لافتقادها شروط الرقية الشرعية، «وفي هذا مخادعة للعامة». وكشف عدنان مسعود، الذي توصل إلى فكرة وضع جهاز يتلو القرآن على الماء، أنه استند إلى بحوث في إثبات ما يروج له. وكانت دائرة التنمية الاقتصادية في دبي قد قررت مصادرة 800 جهاز لقراءة القرآن الكريم على المياه المبردة للرقية من إحدى الشركات كانت تروجه عبر موقعها الإلكتروني على الإنترنت، مؤكدة أن ترويج مثل هذه الأجهزة هو نوع من الغش التجاري والتدليس، وأنه لا يجوز شرعاً هذا العمل، حسب فتوى لهيئة كبار العلماء في دبي.
صاحب الفكرة عدنان مسعود
وأوضح صاحب الفكرة عدنان مسعود أنه كان يعاني من آلام في جسمه تمثلت في منطقتي الرأس وأسفل الظهر، إضافة لمشكلات عائلية كادت أن تهدم بيته وعند تلاوته القرآن الكريم وصل إلى سورتي الإسراء و(ص) اللتين ذكرا فيهما الماء وفوائده، مضيفاً» وضعت جهازاً يقرأ القرآن على زجاجة ماء، وبدأت أشرب منها مع عائلتي، ونحن على يقين تام بأن الله سيشفينا، وبعد مدة وجيزة شعرت بتحسن كبير، وبدأت الآلام تتلاشى تدريجياً إلى أن اختفت.»
وأضاف مسعود «بدأت علامات الراحة النفسية تظهر علي وعلى أسرتي، وعندها أخذت عهداً على نفسي أن يصبح هذا الموضوع الأهم، إلى أن توصلت إلى فكرة تخدم الجميع.»
وبيَّن مسعود أنه تابع ما كتب من بحوث حول الماء، وقام بالمتابعة والبحث عن الفائدة وتوصل إلى عدد من البحوث قدَّمها كل من الدكتور الشيخ محمد العريفي الحاصل على شهادة الدكتوراة في أصول الدين، في العقيدة والمذاهب المعاصرة، والدكتور ماسارو ايموتو -ياباني الجنسية- وهو أول من اكتشف أن للماء ذاكرة، وعمل أبحاثاً لمدة 15 سنة وألَّف كتاب رسالة من الماء، و الدكتور زغلول النجار رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وأستاذ علوم الأرض بعدد من الجامعات العربية والغربية و الدكتور إبراهيم كريم مبتكر علم البايوجيومترى، والبرفيسور روستم روي والبرفيسور مارتن شابلين ورئيس المختبرات بجامعة لندن بريطانيا والبرفيسور كونستانتين كورتكوف دكتور في العلوم في الأكاديمية الروسية في روسيا والباحث ليونيد اذفيكوف رئيس مختبرات الماء روسيا و والبرفيسور كورت واثريتش الحاصل على جائزة نوبيل (سويسرا)، والدكتورة بيرل لابيرلا نيفادا من أمريكا.
وقال مسعود «إن هذه البحوث أثبتت وجود عمليات معقدة جداً، يقوم بها الماء داخل الخلايا، وقد وجد العلماء أن المجال الكهرطيسي المتشكل حول الخلية الصحيحة يختلف عن ذلك المجال الكهرطيسي المتشكل حول الخلية السرطانية، ونسبة الماء تختلف والعمليات الحيوية التي تقوم بها كل من الخليتين تختلف أيضاً، وكل هذا يثبت أن للماء طاقة نجهلها حتى الآن، وعندما صدر كتاب رسالة من الماء، للباحث الياباني الدكتور أموتو، بدأ كثير من العلماء يتساءلون عن مدى مصداقية هذا البحث، ولو تأملنا ما جاء في هذا الكتاب للاحظنا أن المؤلف أراد أن يقول إن جزيئات الماء تتأثر بأي كلام يُقرأ عليها.
وذكر مسعود أنه بعد عام ونصف العام من الجهد، طلب من شركة صينية تصنيع الجهاز، وأطلق عليه اسم «جهاز الماء الشافي»، مضيفاً أنه باع منه 1400 جهاز في دولة الإمارات العربية، وبعد أن نفدت الكمية، توقف عن صنع الجهاز، وفي هذه الأثناء تلقى اتصالات عديدة تطلب منه الجهاز بإصرار فقرر أعادة تصنيع الجهاز وعمل عليه بعض التعديلات وأعاد تسميته ليصبح اسمه «رسالة إلى الماء».
وأوضح مسعود أنه حصل على براءة اختراع على فكرته من «إدارة الملكية الصناعية في وزارة الاقتصاد الإمارتية»، وحصل على فتوى من الموقع الرسمي للإفتاء والبحوث في الإمارات، وبعد ذلك طرحه في السوق للبيع، ويدعي أنه تابع عدداً من المشترين، وظهر أن 20% من المشترين شفوا من الأمراض التي من بينها «السرطان، والشقيقة، والعقم».
الشيخ عبد الله المطلق
وأكد عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء والمستشار بالديوان الملكي الشيخ عبد الله المطلق أن الرقية بواسطة وضع الأجهزة الحديثة على الماء غير شرعية، لافتقادها شروط الرقية الشرعية التي تقتضي القراءة المباشرة والدعاء بنية العبادة، مؤكداً أن التكسب والمتاجرة بهذه الأعمال غير جائز وفيه مخادعة للعامة لمخالفتها للرقية المشروعة في العلاج بنصوص القرآن والسُنة.
انعدام النية
وأوضح الشيخ فهد الحميد أنه لا يجوز استخدام الأجهزة الحديثة كرقية شرعية لانعدام النية الواجب توافرها، و لا يمكن توافرها إلا عن طريق الاتصال المباشر بين الإنسان والمادة التي تمت الرقية عليها.
أمر محدث
ويرى مدير المركز الإسلامي في لندن الدكتور أحمد الدبيان أن تلاوة القرآن الكريم يؤجر عليها المرء إذا قام بها وتلاها أو سمعها وأنصت لها . والرُّقية الشرعية تتحقق بالقرآن الكريم ويؤثر فيها نفس الراقي وإيمانه وصدق توكله على الله تعالى وصلاحه. ولذلك تفيد بعض الرقى من بعض الناس ولا تفيد من آخرين. واستعمال آلة تسجيل للرقية في اعتقادي لا تتحقق فيها هذه الشروط، وهي أمر محدث يشبه ما أحدثه بعض الناس من غسل أوراق المصحف وشربها، وإنما يتحقق النفع بالقرآن الكريم بتلاوة الإنسان له وتدبُّر معانيه وليس بأكل ورقه وشرب ماء الورق. وتلاوة المريض له بإخلاص وحُسن نية والتماس بركة نافعة جداً. ولذلك فوضع أشرطة التسجيل على الماء لا أرى أنه صحيح أو مفيد، أما إذا تاجر بها الإنسان وباعها للمرضى فهذا من البدع وخداع الناس، ولو حث هذا الإنسان المتاجر بها المرضى على تلاوة القرآن والاستشفاء به لأنفسهم لكان خيراً وأفضل من هذا العمل.
فقدان الروحانية
وأكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود في قسم الفيزياء والحاصل على جائزة الإبداع العلمي في تقنية النانو الدكتور عمر مرزوق الدوسري أن الانتقال الموجه بالكلام من الإنسان إلى جزيئات الماء والهواء وتحقيق الفائدة من هذه الجزيئات يستوجب توفر الروحانية، وفي حال انعدامها ينعدم التحول معها، وعلى ذلك لا يمكن أن تتحول الجزيئات بمجرد تشغيل جهاز آلي عليها، وسيكون تلقي الماء إليها كمجرد كلمات عادية.
انعدام الاعتقاد
و أوضح عضو هيئة التدريس في الفيزياء والفلك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن علي الشكري أن جزئيات الهواء والماء لا تتأثر بكلمات القرآن الكريم المقروءة عليها في حال انعدام الاعتقاد مما يؤكد انعدام تحولها في حال قراءة جهاز عليها وعدم تفاعلها.
جزيئات المياه
و أوضح دكتور الفيزياء في جامعة جازان محمد فوزي أن تأثر جزيئات المياه بكلمات القرآن الكريم في حال قراءته عليه بشكل مباشر يكون أكبر لتأثرها بخروج الريق و النفس في الماء إلا أن تلقي الماء للقراءة عن طريق الأجهزة وإن كانت تتأثر وتتحول بما يلقى عليها من كلمات إلا أن هذا التأثر ضعيف جداً.
إيحاء نفسي
وبيَّن الاختصاصي النفسي أسعد النمر أن هذا العلاج مرتبط بالإيحاء النفسي وهو نوع من العلاج الذي يستخدم في الطب النفسي في الأمراض العضوية المرتبطة بالأمور النفسية، و أن هذا الإيحاء مرتبط بشكل مباشر بقناعة الإنسان وهي التي تحدد حالة الاستجابة للعلاج من عدمها، موضحاً أن أي كلمة تصدر من الشخص يمكن لجزئيات المياه أن تتلقاها وتتفاعل معها بغض النظر عن نوعها، إلا أن تأثر الإنسان بالماء الذي تُليت عليه هذه القراءة يعتمد على قناعته.