عدَّ الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق، اليوم الأربعاء، ميلاد زمن الوسم لهذا العام، ومدّته النوئية اثنان وخمسون يوماً، والفعلية اثنان وسبعون يوماً، حيث يطل علينا الشتاء بعنقه من شرف المناطق الشمالية من السعودية والعراق والشام، ومسلط بنظره بحدية على بقية المناطق، بحيث إنه يبدأ بالولوج التدريجي بتمرحل زحزاح من الشمال إلى الجنوب، ويلتفت على الشرقية بطرف والغربية بطرف.
وأوضح “الزعاق” أن الوسم يطلق في اللغة على أثر الكيّ، والوسمة تطلق على ما وسم به الحيوان من ضروب النقوش، والصور، وعند أهل الأنواء يطلق على الفترة الزمنية التي تلي موسم سهيل، وهو موسم بداية نزول الأمطار الطبيعية.
وقال إن الوسم هو الموسم الأجمل في السنة على الإطلاق على كل البلدان الخليجية وهو موسم علائل الريح ذات النسمات المدهونة بالبرودة، ومدة الوسم النوئية اثنان وخمسون يوماً، والفعلية اثنان وسبعون يوماً، فعشرون يوماً من المربعانية تُعتبر من الوسم والثلاثة عشر يوماً الأولى من الوسم تسمى موسم الصفار، وهي لفظة تكبير لموسم الصفري، فالشخص الذي نجا بجلده من موسم أمراض الصفري فإن أمراض موسم الصفار له بالمرصاد، وستكون أشدّ فتكاً به لعدم أخذه جرعة مناعة من الصفري، وسمي بالصفار لشدة اصفرار الجسم من الأمراض، وأهم مسبباته النوم بالعراء دون لحاف.
وأشار الباحث “الزعاق” إلى أنه مع دخول الوسم يطل علينا الشتاء بعنقه من شرف المناطق الشمالية من السعودية والعراق والشام، ومسلط بنظره بحدية على بقية المناطق، بحيث إنه يبدأ بالولوج التدريجي بتمرحل زحزاح من الشمال إلى الجنوب، ويلتفت على الشرقية بطرف والغربية بطرف أخرى.
وأضاف أن ذلك يعني أن الشتاء الليلي يحلّ على المناطق الشمالية مع دخول الوسم، وبعد ثلاثين يوماً يلتهم الشتاء الليل والنهار هناك، ويتزامن ذلك مع بداية الشتاء الليلي على الكويت والبحرين والإمارات وشرق ووسط وغرب السعودية.
وأضاف أيضاً أن الشتاء الفعلي، وهو الشتاء الذي يطوف على الليل والنهار، ويجبر الناس على أن يرتدوا ملابس الشتاء الثقيلة على جميع المناطق، فسيكون بعد ستين يوماً من الآن.
وبيّن أنه في موسم الوسم ينشط منخفض هضبة البحيرات في شرق إفريقيا، ويبدأ يصدر لنا سحباً ركامية ذات أمطار ديمية تدلف علينا من البوابة الشمالية الغربية من السعودية، وينال معينها البلدان الخليجية على فترات متقاربة نسبياً، والأمطار السابقة على دخوله تسمى قلايد الوسم، والأمطار التي تهطل في أوله تسمى الثروي، نسبةً إلى الثريا، والأمطار التي تهطل في آخره تسمى الولي.
وزاد “الزعاق” أن أول سحب الوسم يسمى بـ (عهاداً) واحدها عهدة، والسحاب المبكر الذي يظهر مع دخول الوسم يقال له (المرابيع)، وأحدها مرباع كمرابيع الإبل، وهي التي تنتج في أول الزمان، ويقال للمكان السريع النبات (مرباع).
وأردف بقوله إن جميع فترات أمطار الوسم مفيدة جداً للأرض والبحر، فيقول السلف عن مطره: “حص في البحر وفقع بالبر”، أي أن مطر الوسم إذا سقط على البحر يخلق اللؤلؤ، وإذا سقط على البر ينبت الفقع، فالبذور المدفونة في باطن الأرض والمحار المختفي في أصدافه تكون متحفزة لمطر الوسم وهو الموسم اللائق لضخ ماء الحياة في أجسادها.
وأكد الدكتور “الزعاق” أن للوسم علامات تدلّ على دخوله، أهمها تخلق السحب، وظهورها من جهة المغرب واخضرار الأشجار وانكسار حدة الحرارة، وتفشي النمل وهيجانه على وجه الأرض.
وقال إن الطقس السائد في الأيام الأولى من الوسم رطب، وتكون الرياح متقلبة الاتجاه، خفيفة السرعة، وقد تهبّ بين حين وآخر ولفترات وجيزة ريح شمالية غربية لا تدوم طويلاً مع برودة ملحوظة في آخر الليل.
وأضاف أن مطر الوسم شحيح لكنه نافع جداً، ومن باب العادة أن الأمطار إذا بكرت تكون توابعها على فترات متباعدة، وإذا تأخرت تتابعت، وأول الوسم موسم مكفهرّ تقريباً، لكنه أخفّ حدة من آخر الربيع، فالشتاء يدخل بنعومة والصيف يدخل بخشونة، ولهذا يحصل فيه تذبذب في المنظومة المناخية، الأمر الذي يجعل الأمراض الخريفية تنتشر بشكل متفشٍّ.
وأضاف أيضاً أنه ما زالت الشمس تتدحرج ناحية الجهة الجنوبية من خط الاستواء؛ استعداداً لموسم الشتاء القادم، وعلى إثر ذلك تنخفض درجة الحرارة بالتدريج مع مرور الأيام، وخاصة أثناء الليل، وأشعّتها لم تنكسر حتى الآن، فما زالت ذات لسع حاد في الظهيرة، ولا يزال الجو حاراً نهاراً بارداً نسبياً في آخر الليل في هذه الفترة الزمنية، وأن الجو يعتدل بعد عشرين يوماً تقريباً أثناء النهار، وتزداد برودته أثناء الليل، وتكثر فيه العواصف والرياح المحملة بالغبار والأتربة، وقد تكون ماطرة.
وختم “الزعاق” بأن أول نجوم الوسم يقال له العواء، ومطره محمود، حيث ينبت الشيح والنفل والأعشاب البرية، بالإضافة إلى الكمأة (الفقع)، وتقول العرب في هذا النجم: إذا طلعت العواء طاب الهواء، وضرب الخباء، وكره العراء، وشنن السقاء.