لا أعتقد أن أحداً يستطيع كسر أرقامنا القياسية التي دخلنا بها موسوعة غينيس .. أو التي سوف ندخلها مستقبلاً .. لأن طموحنا وأهدافنا تختلف عن طموحات غيرنا.. نظراً لاختلاف طبيعتنا التكوينية .. كماً ونوعاً وموضوعاً ..
يعني تخيلوا بأن شاباً يتخرج من مدارسنا .. أطلس أملص .. أزعط أمعط .. لا يمتلك أي موهبة .. خالي الوفاض من أي خبرة .. لا يستطيع أن يؤسس أي مشروع أو أن يلتحق بأي مؤسسة .. لم يتعلم شيء عن التجارة والاقتصاد .. جاهل في كل اللغات .. بالله عليكم أي انجاز يمكن أن يحققه هذا الشاب .. أفلا ترون أنه من الحرام علينا وقلة الشفقة أن نحرم هذا الشاب من أن يحقق الشهرة التي سيتكفف منها لقمة عيشه .. حتى ولو اضطر لكسر الرقم القياسي في أكل الصراصير أو العقارب أو عيون الضفادع ..
وما الضير أن يحاول شاب جاهل أو أبله أن يدخل موسوعة غينيس محاولاً كسر الرقم القياسي في أطول مدة لمضغ العلكة والتي بلغت يومين وسبعة عشر ساعة ..وهل الأفضل أن يمضغ اللبان يا عيني عليه ؟.. أم يموت جوعاً وهو ينتظر .. عطف ديوان الخدمة الذي استلم منه ملفه العلاقي للمرة الثامنة والسبعين ..
وفي الوقت الذي تدعي فيه مؤسساتنا الرسمية بأنها أعدت أجيالاً من الشباب متفوقين علمياً وحضارياً وتكنلوجياً.. وبالرغم من ذلك تهب تلك المؤسسات لتكون أول الداعمين والمتبنيين .. لمثل هذه المشاركات (الماسخة) .. فمرة ندخل موسوعة غينس في تصنيع أطول علبة شامبو بلغ طولها 5 أمتار وتتسع لـ 4800 لتر أي ما يكفي لغسل رؤوس 4846 خري مكدش من شوارع التحلية .. ومرة نحقق أكبر ثوب في العالم .. ومرة أكبر كيس فُشار .. بلغ طوله 10 متر وعرضه 180 سم وبلغت مدة تعبئة الكيس بالفشار عشر ساعات فهل هناك سخافة أشد سخفا من سخافتنا السخيفة ..
ثم تقول مؤسساتنا أنها تدعم وتهتم بالتلاميذ الموهوبين في المواد العلمية والتخصصات التكنلوجية وعلوم الهندسة والفضاء .. فبالله عليكم ايش جاب كيس الفشار لفيزياء الذرة .. وما الذي قرَّب عبوة الشامبو من علوم الفضاء .. إلا إذا كنا ننوي عمل تجارب انشطارية .. لحبات الفشار أو كنا سنصنع من علبة الشامبو صاروخاً سيضع لنا في المدار أول قمر سعودي ضد القشرة..
لذلك فلا غرابة في أن تتردى الأوضاع في بعض إداراتنا ومؤسساتنا , التي يقضي المدير فيها غالبية وقته في جمع أغطية العلب , أو مضغ العلك , أو تنسيق أعواد الثقاب ,أو مغازلة المُرَاجعات على مكتبه الدوار.
ثم إن موضوع هواياتنا التافهة والماسخة لم تقتصر على فئة العاطلين والمراهقين بل تعدت ذلك لتكتسح الطبقات المثقفة وكبار الشخصيات وأصحاب الشهادات العالية لدرجة أن صحيفة "عكاظ" لم تجد غضاضة في أن تعلن عن موهبة عضو مجلس الشورى السابق ورئيس دار الدراسات الاقتصادية الذي يفخر بأنه استطاع أن يجمع أكثر من 300,000 ألف علبة كبريت .. ويقول معاليه بأن كمية العلب هذه ستؤهلني للدخول إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية ..
المضحك المبكي هو أن معاليه قضى وقته في جمع العلب ونحن كنا نعتقد بأنه كان منشغلاً بجمع مشكلاتنا والاهتمام بحل قضايانا ..
نقطة ضوء: مستوى الرقي الفكري والحضاري لأي أمة إنما يقاس برقي مؤسساته التعليمية القائمة على أهداف تنموية وعلمية واضحة.
الكاتب/ أحمد العواجي
facebook.com/ahmad500
ahmadalawaji@gmail.com
التعليقات 1
1 ping
05/02/2011 في 6:03 م[3] رابط التعليق
لهذه الدرجة بلغ مجتمعنا من السخافة 😡
مقال كفى ووفى 😉
بقدر ما أضحكني ( ) أبكاني ;(
(0)
(0)