عندما يكون الخبر الذي أمامك صادمًا، فإنك لا تعرف من أين أو كيف تبدأ التعليق عليه. في البداية لم أصدّق ما قرأته حول الجوائز المخصصة للمخترعين وتلك الجوائز المخصصة للفائزين في فنون الشيلات والشعر النبطي والمحاورة. ففي الوقت الذي بالكاد وصلت جائزة المخترع لمائة ألف ريال، كانت جائزة الفائز في كل فرع من فنون الأدب خمسة ملايين ريال عدًّا ونقدًا لكل فائز.
ليس من عاداتي خلط الأمور، فلكل مجاله وطرق تمويله، ومثل ذلك مثل عشرات الملايين التي تدفع للاعبين يركضون وراء الكرة، ويتقاضى بعضهم نصف مليون راتبًا شهريًّا غير المكافآت الأخرى، في الوقت الذي يقدر راتب الدكتور في الجامعة بمبلغ نخجل من نشره.
مرة أخرى لم أتصوّر أن ترصد جائزة قدرها خمسة ملايين لمنشد أو محاور أو شاعر نبطي أو لاعب كرة، بينما نهين المخترع بتلك الجائزة المتواضعة. والسؤال هو: «من أوصلنا لهذا الحال»؟!. من الطبيعي ألا نوجّه اللوم لجامعة عريقة ومشرفة للوطن كجامعة الملك فهد للبترول والمعادن؛ لأنها خصصت مبلغا متواضعا للمخترع، فهي تعمل وفق ميزانياتها المحدودة، كما أنها وبقية الجامعات لا تستطيع الاستفادة من القوانين المطبقة في الجامعات الأمريكية أو الأوروبية الشهيرة، خاصة من ناحية احتساب تمويل رجال الأعمال والشركات الكبرى للأبحاث والاختراعات، كجزء من الرسوم التي يدفعونها للدولة.
هناك لا تكاد جامعة تخلو من دعم تلك القطاعات لتمويل أبحاثها ومكافأة مخترعيها. وإذا كانت قواعد «الزكاة» لا تجيز الاقتطاع منها، فهناك مبالغ يدفعها القطاع الخاص كالرسوم وغيرها، مما يمكن الاستفادة منها لدعم الجامعات وتمويل مشاريعها البحثية. أما إذا تعذر ذلك، فما على مراكز البحوث في الجامعات أو الموهوبين المخترعين، إلا أن يتواصلوا مع منظمي سباقات الإبل ومزايينها، لمعرفة الخلطة السحرية التي تجعل تخصيص خمسة ملايين لـ «منشد»، أمرًا سهلًا كشربة الماء. ولكم تحياتي.