جامعة بالمليارات.. تماطل في صرف المكافآت
لقد أصبح "تويتر" متنفساً جديداً لطرح مشكلتك دون الخوف من رقيب وحسيب، ربما يصادر مشكلتك ومعاناتك لمجرد مصلحة ما مشتركة بينه وبين الجهة التي ظلمتك ونهبت حقك أو ماطلت في منحك حقوقك متعللةً بأسباب لا يقبلها عاقل ولا المجنون قد يقبل بمثل هذه التصرفات.
وحدث ذلك معي عندما توجهت طالبة من جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن وكتبت حروفاً يعلوها حُرقةٌ وألماً على ما واجهن في الجامعة التي كلف إنشائها الدولة مبالغاً تجاوزت مليارات الريالات، وجاءت تلك بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ? حفظه الله ? ؛ لتسهيل الدراسة وأعبائها على بناته الطالبات، ومن أجل تهيئة الجو الدراسي السليم وبتصاميم عصرية جميلة إذا ماذا أخذنا في الحسبان أن الفتاة تقضي معظم وقتها في الجامعة، فهناك مجموعة كبيرة إن لم تكن الأغلبية العظمى تقضي وقتها من الساعة السادسة صباحاً وحتى الساعة الرابعة وقد تصل إلى الخامسة بعد الظهر، كما أنهن لا يمتلكن سيارات وهذا يعيق عودتهن للبيت وأخذ قسطاً من الراحة في الأوقات التي تفصل بين بعض المحاضرات والأخرى والتي تصل أحياناً إلى الساعتين، ولكنها تضطر إلى البقاء هذه الساعتين في الجامعة لأنها لا تملك سيارة وشقيقها أو والدها أو حتى السائق من المستحيل أن يقلها إلى البيت ثم يعود بها إلى الجامعة بعد ساعتين كما كنا نفعل خلال الدراسة الجامعية.
المشكلة ليست هنا بل أن المعاناة التي كانت بمثابة المفاجأة لي ولأغلب المتابعين في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" هو أن الجامعة الباهظة التكاليف والتي تعد من أجمل الجامعات وأكبرها في الشرق الأوسط، لها قرابة الثلاث سنوات في كل مرة يقرب الصيف يبدأ تأخير المكافآت، ويختلق خلالها المسؤول أعذار واهية لا يمكن أن يقبلها العقل ولا المنطق، فبعد أن ذهبن تلك الفتيات إلى البنك واستفسرن عن المكافآت أتت الإجابة من البنك لتبعث السرور في دواخلهن بأن المبلغ موجود وينتظرون أمر الجامعة للصرف، ولكن هذه الفرحة تم وأدها وهي في مهدها من الجامعة، عندما أشارت المشرفة على حساب قسم التدقيق بالجامعة في التويتر أن المشكلة ليست من البنك ولا من الجامعة وإنما من الدعم المادي، لتترك هذه التغريدة والتي لا تتجاوز الـ140 حرفاً والتي جاءت رداً على استفسار الطالبات أسئلة تحمل معها قدراً هائلاً من علامات التعجب، فأي دعم مالي تتحدث عنه الأخت، وإذا كان المبلغ موجود في الحساب فلماذا لا يصرف؟!.
وكما يعلم الجميع وخاصة من أهل الطبقة الوسطى ما تعنيه هذه المكافآت لأصحابها، فهي تنقذه من مواقف محرجة كثيرة، وعونناً له بعد الله في قضاء الكثير من حوائجه، وفي الوقت الذي احتجن هؤلاء الطالبات المكافأة لقضاء حوائجهن في الصيف لم تصرف لهن، بل رحلت إلى رمضان وساد التفاؤل بصرفها في شهر الخير لتساعد بذلك على قضاء بعض الحوائج الرمضانية أو حتى بعضاً من مستلزمات العيد، وليخففن عن ذلك الوالد الذي يتحمل أعباء مصاريف المنزل والتي تزداد في شهر رمضان ومصاريف أخواتهن ممن لا يدرسن في الجامعة ولا يوجد لديهن دخل، إلا أن الجامعة لم تراعي ذلك ورحلت الصرف مره أخرى إلى منتصف الشهر وببشارة خير بأن مكافأة شهر رمضان ستكون معها لتهدأ هذه قليلاً من خوف وقلق الطالبات وكأنها جرعات مخدره تستخدم لتخدير الطالبات قليلاً، وبعد انقضاء المنتصف الأول من رمضان جاءت الصدمة بعدم الصرف وأنه إذا كان هناك صرف سيكون لمكافأة شهر شعبان فقط أما رمضان فستكون بعد العيد.. أي تلاعب بمشاعر الطالبات وأموالهن؟ وماذا لو تأخر راتب أحد الإداريين بالجامعة شهراً ماذا سيفعلن، بل لو تأخر راتب مديرة الجامعة شهراً واحد ماذا ستفعل؟ وما الأضرار التي سيسببها لها هذا التأخير؟.
قد يأتي البعض ويقول بأن المكافأة أقرت لإعانة الطالبة على قضاء أمورها الجامعية وليست الحياتية، ولكن عندما أقرت لم يقولون تأخروا فيها بالشهرين والثلاثة أشهر، كما أن هذه المكافأة ما هي إلا تخفيف من التعب الذي كنا نعاني منه من الحضور والانصراف يومياً والمذاكرة، ونحن من كنا نملك سيارات خاصة ونغادر الجامعة في حال كان هناك وقت فراغ بين محاضرة وأخرى وكنا نشتكي، فما بالكم بمن تضطر إلى المكوث في الجامعة بالساعتين وتقضي ثلث الوقت وأكثر في الجامعة.
تغريدات
· تويتر كما أشعل فتيل الثورات في الأوطان العربية وطرح العديد من القضايا هنا، ها هو هذه المرة يطرح قضية طالبات جامعة الأميرة نورة.. فهل ستجد تفاعل من المسؤولين وتصرف مكافآت الطالبات في وقتها، والبحث عن السبب والخلل في عدم صرف المكافأة في شهرها المحدد، كل شهراً بشهره.
· من الإيجابيات في هذه القضية هي شجاعة هؤلاء الفتيات واللاتي لم يخفن من أحد ويختبئن خلف أسماء مستعارة بل كان طرحهن بأسمائهن ومطالبات بحقوقهن، وهذا ما يحتاجه الوطن من أبناءه الشباب، المطالبة بحقوقهم دون مجاملة لأحد.
· نحن يا جيل الشباب يجب أن نكون أكثر فعالية في وطننا، وأن نساهم ونشارك بأقلامنا وأفكارنا لنرتقي بوطننا، والأهم من ذلك يجب أن نجد الدعم والمساندة من الجهات المعنية بذلك وزرع الثقة في مثل هؤلاء الفتيات وغيرهن لبناء الوطن.
ياسر العطاوي
كاتب وصحفي سعودي