لقد فجع نبأ وفاة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير
الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله الشعب السعودي والأمة
العربية والإسلامية والعالم،، ذلك الرجل الذي سخر جهده و وقته لترسيخ أمن
الوطن واستقراره على مدى عقود بعد أن تربى في مدرسة والده المؤسِّس الملك عبد
العزيز، وتشرّب منها خصائص الحكمة والسداد، ونذر الوقت والجهد كله لخدمة
الوطن.
كان الخبر الأليم علي وعلى جميع منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
بأعلان وفاة رجل الوطن الشامخ وصمام الأمن صاحب الصفات الحميدة و العضد الأمين
لخادم الحرمين الشريفينالملك عبدالله بن عبدالعزيز لجميع إخوانه ممن حكموا
المملكة العربية السعودية بقدراته الفذة على التعاطي الحكيم مع القضايا
المحلية والإقليمية والدولية ومعالجتها، ولا يمكن أن تذكر شعيرة الحج دون
الإشارة إلى بصماته رحمه الله وحرصه على أمن الحجيج وترؤسه لجنة الحج العليا
لعقود استطاع من خلالها توفير كافة السبل لأداء الحجاج مناسكهم في طمئنينة
وسلام
كان الفقيد رحمه الله رائداً للعلم والثقافة والإعلام والعمل الخيري
الإنساني، حيث تمثل مبادرته بإنشاء الصرح الأكاديمي العملاق 'جامعة الأمير
نايف للعلوم الأمنية' منارة رسخت دعائم الدراسات والبحوث في قضايا الإرهاب
والجريمة والمخدرات، وأصناف الجنوح، وأفرزت نتائج مميزة في هذه المجالات أسهمت
في بلورة آليات علمية عملية عن سبل الخلاص من آفاتها وتداعياتها، وسجلت
المملكة برعايته المباشرة شهادات الدول المتقدمة على نجاحها الباهر في
استراتيجية مواجهة الإرهاب والقضاء عليه ففي الحين الذي فشلت فيه بعض التجارب
في التعامل مع الإرهاب نجد أن تجربة المملكة التي رعاها سموه كانت فريدة من
نوعها حيث أتخذت عدة مسارات في التعامل مع الظاهرة وقد كان لمقولته رحمه الله
الشهيرة" الفكر لا يحارب إلا بالفكر" دلالة على عمق فكرة وثاقب رؤيته في
مواجهة هذا الداء فمع الإجراءات الجنائية كان مسار معالجة الأفكار وتفكيك
القناعات مسارا نشطا في تحويل كثير من العناصر المغرر بها إلى لبنات صالحة
تفرغ طاقتها وحيويتها في العمل الايجابي كأكبر المكاسب في استثمار البشر، لقد
شهد المواطن التطوير الذي أحدثه سموه في القطاعات الأمنية تقنياً و إداريا
وتبسيط إجراءاتها لخدمة المواطنين مما شكل تحولا في العلاقة بين المجتمع
والمؤسسة الأمنية، من الصعب اختزال إسهامات سموه الحضارية والثقافية المتنوعة
والشاملة لمختلف العلوم فإنشاء المراكز العلمية والمعاهد والكراسي التي تحمل
اسم سموه في عدد من الجامعات السعودية والأجنبية أكبر شاهد على اهتمامات سموه
في العلوم والأبحاث إلى جانب ترؤس سموه لمجلس وزراء الداخلية العرب، لقد كان
الفقيد معنياً بنصرة الشريعة وإعلاء السنة ورقي الإعلام طوال رئاسته المجلس
الأعلى للإعلام ، مثلما كان داعما للفعاليات الشرعية والتأصيلية المتنوعة
كجائزة الأمير نايف للسنة النبوية ورعاية أنشطة حفظ القرآن الكريم والحديث
الشريف، أما العمل الخيري الإنساني فقد كان ينطلق من إيمانه العميق ومبادئ
الإسلام للمبادرة إلى الغوث والمساعدة في اللجان الداخلية والمؤسسات الخارجية
التي يرأسها ودفع بها إلى السخاء في البذل والسرعة في النجدة.
ولقد لقيت شعيرة الأمر بالمعروف اهتماما خاصا من سموه برعاية برامج الرئاسة
وتطوير أعمالها والدفاع عن كيانها فكرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتدشين سموه للخطة الاستراتيجية للهيئة فضلا
عن توجيهاته الحانية للعاملين في سلك الرئاسة وحمايته للهوية الإسلامية
والعربية للمملكة من دلائل هذه العلاقة الوطيدة.
لم يرحل نايف بن عبدالعزيز بلا أثر لقد ترك لنا مدرسة مستقلة المعالم غزيرة
المضامين تستحق أن تطلع عليها الأجيال وتنهل منها الإدارة المحنكة للملفات
الخطرة هذه المدرسة ستجد فيها أقلام الباحثين وجبة غنية لإثراء المكتبة
الأمنية والإدارية مما يضيف الكثير في الرصيد المعرفي البشري، نسأل الله أن
يتلقاه برحمته وعفوه ويخلف على المسلمين خيراً ويسكنه الجنة ويعوضنا في أبنائه
البرره ويجبر مصابنا ويحسن عزاء خادم الحرمين الشريفين والأسرة الكريمة
والشعب السعودي الكريم.
دعبدالمحسن بن عبدالرحمن القفاري
المتحدث الرسمي
مدير عام الإدراة العامة للإعلام والعلاقات العامة