من يتابع الشأن الرياضي لدينا يصطدم بما يحدث فيه، ولن أتحدث عن اخفاق طارئ للمنتخب السعودي الآن في كأس آسيا بقطر، فهذه نتيجة وليست جذور المشكلة لدينا، فلا أتعامل مع نتائج كما هي تحدث الآن، يجب أن نفتح الملف الرياضي لدينا بكامله، أين الخلل؟ لا شك أن المنتخب السعودي لكرة القدم وهو "نموذج" للحركة الرياضية لدينا يوضح أي درجة من الاخفاق والتراجع وصلنا لها، وحتى أبتعد عن العاطفة أو من سيدافع نقول له لنعد إلى تصنيف الاتحاد الدولي "الفيفا" الذي وضعنا بتصنيف المرتبة 81 عالميا الآن، وكنا سابقا نصفق للاتحاد الدولي ونكرر ترتيب وتصنيف المنتخب سابقا حين وصلنا لمراتب 34 تقريبا.
السؤال المطروح الآن أين الخلل في الرياضية السعودية وما يحدث بها من اخفاق كبير؟ على الرغم أن السعودية تملك أفضل جمهور يحضر الملاعب في دول الخليج وليس شمال أفريقيا حتى لا نبالغ بحجمنا كما يحدث الآن ونردد أقوى "دوري عربي" وهذا غير صحيح وأكرره منذ زمن عبر القنوات التلفزيونية لسنا أقوى دوري عربي، فأقوى دوري عربي يعني أقوى منتخب عربي ونحن لم نتجاوز محيطنا الخليجي وآخر اخفاق كأس الخليج باليمن الشقيق، السعودية تملك أكثر محللي كرة قدم وتجدهم من كل تخصص وعلم، قنوات رياضية كثيرة، برامج رياضية أكثر، زخم "وطحن" اعلامي هائل، والكل يحلل، غرقنا بالتحليل اليومي "هذا بلنتي" و"هذا تسلل" و"هذا حكم ضدنا" وإلى آخر ما يردد كل يوم تلفزيونيا وصحافيا، وحين تعود للمحصلة النهاية كمكاسب للرياضية السعودية لا تجد شيئا بل صفر تماما ولم تطرح جذور المشكلة لدينا. إذا أين الخلل؟
اننا على الرغم من الانفاق المالي الكبير في الأندية والمنتخب، والأرقام السنوية التي تدفع لتجديد عقود مدربين ولاعبين وخلافه تصل سنويا إلى 500 مليون ريال، ورواتب ضخمة، ولكن كل ذلك لم يشفع لوجود بنية تحتية رياضية سليمة وكافية، لماذا؟ لأننا لا نملك التخطيط السليم، ولا الادارة الاستراتيجية الصحيحة، فلا ملاعب مكتملة، ولا رعاية للنشء من اللاعبين، ولا أكاديميات متخصصة للتدريب والتعليم، ولا جدولة للمسابقات بصورة واضحة ودقيقة لسنة وسنوات للمستقبل، اننا نفتقد "للتخطيط والاستراتيجية" في الرياضة لدينا، فقرار يذهب بمدرب وآخر يأتي به، وانعدمت المواهب الكروية لدينا لضعف استجلابهم أو حفزهم لدينا، فلا المدارس ولا الميادين الرياضية توفر فرصة للنشء الجديد، وأصبحت الرياضة لدينا تتم قيادتها بفعل ورد فعل لحظي، وهذا ما وضع الضغوط كبيرة على المسؤولين واللاعبين والاداريين للبحث عن كسب وقتي.
حين كان الزمن السابق أي "الهواة" حقق المنتخب "كمثال" أفضل النتائج وأفضل لاعبين كانوا، ومع الاحتراف والملايين حدث التراجع والانحدار، لماذا؟ مع أن الفرضية أن نحقق انجازات أفضل وخطوات للأمام ولكن حدث العكس، الخلل بوضوح تام "تخطيط وادارة وانضباط واحتراف حقيقي"، نحتاج إلى مخططين قبل كرة قدم تركل، إلى استراتيجيين يضعون أهدافا بعيدة المدى وأن نقيم وضعنا بصورة صحيحة لا نضخم أنفسنا من لا شيء والتصنيفات الدولية والنتائج توضح كل شيء، نحتاج الى دماء جديدة وإصلاح رياضي حقيقي من الجذور ببناء وتخطيط ودراسة وعلم واحتراف ومحاسبة ورقابة، والكثير من العمل، ولكن ما يحدث سيزيدنا تراجعا ولن يكون مفاجئا!
راشد محمد الفوزان.