نسمع في كل يوم، عن مشكلة أسرية جديدة، ضحيتها طفل لم يتجاوز السابعة من العمر، تفنن والده في إبعاده عن حنان والدته، أو العكس، تعمدت والدته بمساعدة والدها وإخوانها في حرمانه من رؤية والده، وهكذا، يتنازع الأبوان، يحدث الشقاق، تستحيل المودة والرحمة بينهما، يلجآن إلى المحكمة، يتقاضيان، ثم ينفصلان للأبد، بعدها يبدأ كل منهما في تصفية حساباته مع الآخر، وذلك بحرمانه من طفله لأشهر أو سنين عديدة، والطفل الضحية، يتنفس، يضحك، يتأمل، يلهو ويلعب هنا وهناك بكل براءة، لكنه لا يعلم أي حياة صعبة سيعيشها، أي مستقبل ينتظره، ولماذا لم يهتم أو يفكر فيه أحد؟!
أي منا سيتعاطف مع ذلك الأب الذي يتعرض للاعتداء اللفظي أو الجسدي أمام أعين أطفاله في كل مرة يقوم فيها بمحاولة رؤيتهم بالقرب من بيت جدهم من أمهم، وأي منا سيتعاطف أيضا مع تلك الأم التي قامت مؤخرا بوقف حركة السير بأحد شوارع مدينة جدة وهي تستنجد بالمارة ليبحثوا لها عن حل لمشكلتها المتمثلة في حرمانها من أطفالها. إذن، نحن دائما ما نتعاطف مع الطرف الذي ينجح في استدراج عواطفنا وإقناعنا بأنه الضحية الوحيدة، سواء أكان الأب أو الأم، لكننا في الغالب لا نتذكر معاناة طفلهما، ربما لأنه لا يستطيع التعبير بنفسه عن مشكلته مع الحرمان، وربما لأننا سطحيون في تفكيرنا أكثر من اللازم!
إن تقديم مصلحة الطفل وتأمين الحياة الكريمة له، لن يكون الشغل الشاغر لوالديه معا ساعة الفراق لأن كلا منهما مشغول بنفسه، لهذا يقف الطفل وحيدا في تلك الأثناء، يتنفس، يضحك، يتأمل.. دون أن يدري بما يدور حوله، ودون أن يجد من يحتضنه ويمسح على رأسه ويسعى لحمايته وحفظ حقوقه!
أين هو الدور الفاعل الذي يفترض أن تقوم به محكمة الضمان والأنكحة أو المحكمة العامة في مثل هذه الحالات وأين هي الإجراءات المنظمة والكفيلة بحماية مثل هؤلاء الأطفال من الضياع؟! لماذا لا يتم تعليق استكمال إجراءات استصدار صك الطلاق بتقديم الزوج لاتفاق محرر على نموذج رسمي معد سلفا (موقع منه ومن الزوجة ومن شاهدي عدل) يتضمن من له الحق في حضانة الصغير ومدة الزيارة ومواعيدها ومكانها إلى جانب تحديد مقدار النفقة وطريقة سدادها، ليصدر وفقا لذلك الاتفاق وفور إثبات وقوع الطلاق حكم شرعي نهائي واجب التنفيذ، يقضي إلى جانب بيان حقوق الطفل وواجبات والديه تجاهه بعقوبة مغلظة بحق من يخالف أو يماطل أو يمتنع عن التنفيذ أي كان وأي كانت حجته.
أحمد عجب الزهراني