عَشرٌ عجاف
في عام 2008 هممت بدارسة الماجستير ، فبحثت عنها في عمّان الأردن ، ولكنها أتيحت لي على طبق من ذهب في أنقرة تركيا ، فقررت دراستها في قاهرة مصر ، وحصلت عليها عام 2018 من الرياض .
عشرٌ عجاف ، مررت بها بمواقف عدة ، وتجارب متعددة ، فيها دروس للسنين ، وعبرٌ للمعتبرين ، تنازلت فيها عن الكثير ، وكسبت فيها ضعفها ، أصدقاء جدد ، زملاء جدد ، ورؤاهم متجددة ، مشاربهم مختلفة ، ومعارفهم متنوعة ، وأفكارهم متباينة ، بعضهم ملهمون مبدعون ، وبعضهم مهمومون محبطون .
عَقدٌ من الزمن كعِقدٍ لفّ حول العنق ، أحجاره غُربة ، وخيوطه عُزلة ، عشرٌ مرصوصات كالجبال الثقال ، عشرٌ علّقتها بالله ، وعليه أركيتها ، عشرٌ تعلمت منها عشرًا :
الأوّل : أن تتعلق بالله ، وتتوكل عليه ، وتؤمن بهذا التوكل بداخلك ، وأن لا تتوقف عن الإلتجاء إليه في صغائر الأمور وفي كبير المحدثات .
الثاني : أن يصاحب تعلقك بالله ، محبة في ماتعمله ، وهدفًا تسعى إليه ، وأملا ترجوه ، وابتغاءً تنشده .
الثالث : أن تعمل بإقتدار ، وأن تثب بتمكن ، وأن تخطو بثقة ، وأن تقفز عن ما يعيق ، وتتوقف عند ما يستحق ، فلا تستعجل هدفك وإن كان بعيدًا ، ولا تؤخرّه وإن كان قريبا ، " دع الأقدار تجري في أعنّتها " وسابق الزمن بكل قواك .
الرابع : أن تكون نبيهًا ، ويقظًاً ، فتأكل الفرص ، وتطرق كل باب ، وأن تحتال على اليأس ، وأن تجعل الإحباط ندًا لك ، تبارزه بسيف صبرك ، وتغتاله برمح قلمك ، وأن تذبح التضحيات تقربًا لهدفك ، ومرضاة لطموحك .
الخامس : أن تصاحب أفضلهم ، وأن تصحب خيارهم ، وأن تتحلى بروح الجماعة ، وأنا الذات ، ومحبة الآخر ، كلّ لا يطغى على الآخر .
السادس : أن تبيع بلطف كل صديق شائك ، وأن تبتعد بذكاء عن كل معروف بالكسل ، وكل مشهور بالإتكال ، وكل موسوم بقلة الهمة .
السابع : أن تكون صبورًا، مرنًا ، مطواعًا ، وترتدي ثوب الرويّة عند الحاجة ، فبعض المواقف تتطلب الكثير من التنازلات والمرونة ، وأن تستعد جيدًا للصدمات والمواقف السيئة ، وأن تجعل منها دافعًا لك ، وحافزًا لك ، فالظلام الحالك قد ينتهي بقبس عود ثقاب .
الثامن : أن تكون إجتماعيًا ، مخالطًا بحدود ، ومتمعنًا في القيود " فالصاحب ساحب " إما لعلو وإما لدنو .
التاسع : أن تعلم أن الأرض بما رحبت تحمل في كل مكان حاسد ، ويستوطنها ناقم ، ويسكنها معجب ، ويجثو فوقها كاره ، بعضهم بأسباب وآخرون بلا سبب ، وإن كنت تتوقع منهم دعمًا وعونا ، فلا تأخذك الدهشة إذا ما رأيتهم ساخرين ولو كانوا من الأقربين .
العاشر : أن تجعل جادّة الحق مطية لك ، وأن لا تكتفي بعلامة نجاح ، ولا شهادة تحقيق ، ولا إشادة صديق ، ولا إعجاب رفيق . فكن شرِهًا عند آمالك ، وعصيًا عند طموحاتك . وأن تعلم أنّ دروس الحياة أثمن من دروس الورق ، وأن الخبرات التي تكتسبها مع الوقت هي وقودك الذي يقودك .
يوسف بن صالح العبيريد
الرياض | 2-9-2018