الحياة مليئة بالأحداث ، التي تمر على الإنسان وتعبُرُ من خلاله ، ولكنها تترك في وجدانه عظيم الأثر .
من خلال تلك الأحداث تتشكل خبرات الإنسان ، وأفكاره ، وطريقة تعاطيه مع ما يلي من مواقف .
كل لحظة تعيشها ، وكل فِكرٍ يطرأ ، يترتب عليه نظرية ستُبنى لاحقاً ، أو تغييرا لقرارات تم إتخاذها ، وحان وقت إلغائها ، أو إضافةً للمزيد منها .
تُعتبر فلسفة التعامل مع الأحداث فن قلّ من يتقنه ، وكثيرا من يجهله !
فالحدث في ذاته ربما يكون هامشيا ، ولكن ما يحاك في كواليس العقل يُبرز أهدافا مهمة ، أو نتائجاً شخصية ، لا يشاهدها من مرّ بنفس الموقف ، وافتقد لفلسفة التعامل تلك .
الحدث ربما يكون صانعا للأشخاص ، ومبرزا لهم ، بعد أن كانوا مهمشين ، أو متوارين .
والحدث نفسه ربما يصنعه الشخص ، ويكون هو العلامة الأبرز في نشوئه ، والمتحكم في أطواره .
وما يميز صانع الأحداث ، هو تلك الفلسفة التي يتعامل بها مع كل حدث .
فالحدث الذي يتعرض له الإنسان ، مهما كان تأثيره ، ومهما بلغت قوته ، قد يصنع منه حدثاً آخر يُغير به ذلك الواقع المؤلم ، إلى آخر أخف منه .
" ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ... الحديث "
قاعدة لتأصيل تلك الفلسفة ، فلسفة التعامل مع الغضب ، وتغيير إتجاه الأحداث إلى المسار الذي تريد .
وفقدان تلك الفلسفة ، يجعل من الإنسان يتبع مسار الأحداث ويكون تحت تأثيرها !
لا أطالبك بمنع وقوع الأحداث ، ولكن تستطيع التحكم في طريقة تفاعلك ، وتعاطيك مع الحدث بطريقة إيجابية أو سلبية .
فالإيجابية والسلبية هي من طرق التعامل مع الأحداث ، ولكن بفارق شاسع بينهما .
فالإيجابية تكوّن لك خبرة سابقة ، ومصل مضاد فيما يلي من أحداث .
والسلبية في التعامل تجعل الإنسان فأراً للتجارب .
عندما سقطت التفاحة " حدثا " ، قام " نيوتن " باكتشاف قانون الجاذبية " حدثا آخر " .
بينما من سبقه ربما شاهد سقوط التفاح آلاف المرات ، ويكتفي بتناولها !
وتلك الفلسفة لا تنشأ من الحدث الأول ، أو الوهلة الأولى ، بل هي مكتسبة ، تُصقل وتُنمى ، حتى تنضج .
وأميل كثيرا للقول بأن لكل إنسان فلسفة خاصة في تعامله مع ما يحيط به من أحداث ، وأنّ تشابه فلسفتين هما تكرار لشخصين ، لا شك أن أحدهما مقلّد .
ولكي تكون لك رؤيتك الخاصة ، في تقييم الحدث ، لا بد أن تكون فلسفتك ناشئة عن مدى تفاعلك معها .
فحدث يكون عند إنسان ما عبرة ، ويكون - نفس الحدث - عند الآخر كارثة .
يقول أحد العلماء :
في زيارة للمقبرة ، قلت : لصديقي قبر الإنسان خير واعض .
قال : القبر الخالي أشد وعضا ، فهو ينتظر قدوم أحد ما .
يقول بعض السلف " إني لأعلم أثر معصيتي من سوء أخلاق دابتي .."
فالربط بين الحدث الذي قام به هو ، والحدث الذي قامت به الدابة ، في تصور الخطأ الناتج عنه ، يحتاج لعمق في التفكير ، واستقراء لنتائج الأفعال ، وخبرة سابقة .
وقد يكون الحدث واحدا ، والأشخاص عديدون وكلٌ يتفاعل بطريقة خاصة ، ورؤية متفاوتة ، فمنهم من ينظر للكل بدون تجزأة ، ومنهم من يتعمق في التفاصيل .
فليكن لك الشخصية المستقلة ، في إدارة عقلك ، الذي بدوره يقودك للتحكم في الحدث ، بما تكتسبه من خبرات ، ومعارف ، وأفكار .
صالح السواط
التعليقات 3
3 pings
14/05/2012 في 10:06 ص[3] رابط التعليق
[FONT=Times New Roman][SIZE=5]فلسفة جميلة ورااائعة
من كاتب مبدع وفيلسوف[/SIZE][/FONT]
(0)
(0)
14/05/2012 في 2:51 م[3] رابط التعليق
ابو رسيل كل شخص لديه فلسفة قد تكون متشابهة مع شخص آخر ولكن قد لايكون تقليداً
(0)
(0)
15/05/2012 في 4:42 ص[3] رابط التعليق
كما عهدنا عنك يابو عبدالله جدا رائعه
(0)
(0)