لاتنظر خلفك أبدا
رؤى صبري
قد تكون العبارات التي تحمل التصريح بالنفي في بدايتها أمرا صريحا بالإيجاب وبفعل عكس ما تأمر به العبارة فعندما يقال لاتنظر للأسفل فإنك وقتها تنظر بطريقة لاشعورية وربما استفزازية.لكن تظل عبارة لاتنظر للخلف عبارة ذات بريق خلاب لايخبو أبدا,فكم مرة ذكرت في القرآن مصحوبة بعذاب الأقوام وبتوجيه للأنبياء بأن لاينظروا خلفهم بعد أن يسقط العذاب على القوم وأبرزهم نبي الله لوط حين أمره الله بأن يحمل أهله ويسرى بهم في الليل وبأن لاينظرخلفه قط ,وحتى في الأساطير الإغريقية حين طلب أحدهم من الآلهة بأن يسترد زوجته من العالم الآخر وحينها جاءه الأمر بأن يذهب ويأخذها وكل الويل والوعيد له إذا نظر خلفه.
حينها أتسائل كم مرة نظرنا خلفنا؟ وكم مرة ضيعنا الوقت في التحسر على الماضي وما ضاع منا؟ كم أخذ ذلك التفكير السلبي من وقتنا؟فهناك حكمة قائمة من وراء ذلك ألا وهي إذا طرأ أمر في حياة الإنسان فعليه أن يتعلم منه ويتفهم ماحصل وأسبابه وأين يقع الخطأ تحديدا، عوضا على أن يقضي حياته ورقبته معكوسة للوراء لكي يجتر أحزان الماضي بلا فائدة تذكر غير عالم بأن الخسارة المادية تعوض على عكس الخسارة المعنوية.
الندم هو درس مؤقت يستفيد منه الإنسان للحظات ومن ثم يطويه لبقية حياته وليس من التعقل والحكمة أن يعيش الإنسان في الماضي فما يحدث هو أن التفكير كله ينشغل بما حدث ولماذا وكيف حدث بل والأسؤا البحث عمن يمكن إلقاء اللوم عليه مما يحجب عن بصيرة الإنسان قدرته على أن يرى مستقبلا ملئ بالفرص والأمل,فأي كان ما حدث فهو في صيغة الماضي .
ماضي لن يكون حاضرا أبدا ولو ملكت آلة وعدت بالزمن للوراء فلن يتغير ماحدث لأنه لم يعدا ملكا لأحد لكن المستقبل كله ملك للإنسان لأنه يمكن أن نصنع من الخسارة مكسبا باستغلال مواطن الضعف وتحفيز نقاط القوة والاستفادة من تجارب الحياة وتجارب الآخرين وخصوصا أن خلاصة تجارب الآخرين تكون مقدمة على طبق من ذهب لأن نتيجتها واضحة دون الخوض في عنائها .
واحد أفضل الأمثلة على ذلك هي قصص الأنبياء والعظات والعبر المحصلة منها.
ولو أن الإنسان استخدم عقله جيداً لعرف أن ماحصل لايشكل جزاء من المائة وأن المائة بالمائة كاملة هي في عمله وقدرته على الاستفادة من تجاربه الفاشلة وتجارب غيره كذلك فالذكي هو من يستفيد من تجارب غيره لأنها سوف تكون كالتمثيلية التي أشرف على إخراجها وعرف بمزاياها وعيوبها.
إننا نقابل كل يوم أناس يعشون في الماضي ويتذكرون ماحدث قبل سنوات كأنه حدث قبل أيام,ولا أستعجب حين أرى أن وجوههم وعقولهم شابت قبل الأوان,وجل ماأتمناه من صميم قلبي هو أن تتحرك عقارب ساعة الأمس إلى اليوم ومن ثم إلى الغد، إلى المستقبل وأن يرن جرس المنبه ليعلمنا بقيمة اليوم وقيمة ما نضيعه من وقت ثمين لن يعود قط.
كاتبة سعودية
التعليقات 2
2 pings
14/11/2010 في 9:05 ص[3] رابط التعليق
النظر الى الخلف لا يوصلنا الى اي نتيجة مرجوة في حياتنا لانه اجترار للماضي بكل سلبياته ومعوقاته اللهم الا من حيث أخذ العبرة فقط انما الأجدى للمرء أن ينظر للامام ويجعل كل أعماله وخططه الحياتية من أجل المستقبل وحدة لان المستقبل أهم وأنفع للمرء والحياة حياة الانطلاق والبناء .
وقديما قالوا ل"لكل جواد كبوة" وأي كبوة تواجهنا يجب عدم الوقوف أمامها بل علينا تجاوزها والانطلاق نحو الغد المشرق .
أشكر الاستاذة الكاتبه على المقال الرائع ذي الطابع الفلسفي الذي يحمل بين طياته الكثير والكثير من المعاني الانسانية الرائعة.
(0)
(0)
18/11/2010 في 8:47 م[3] رابط التعليق
مقـآله جمييلهَ ،،
(0)
(0)