البعد الإنساني لنسك الحج وعمقه التاريخي والجغرافي والثقافي أوجد للمملكة العربية السعودية مشهدا حضاريا انفردت به بين دول العالم قاطبة، هذا المشهد حاضر وذو روح نابضة على مدار العام منذ أن تكون الكون حتى قيام الساعة بل إنه يتأثر ويؤثر على حركة الكرة الأرضية بإنسانها ودليل ذلك النسبة المطردة فيمن يعتنقون الإسلام وقد نجحت المملكة بتفوق مع التعاطي لهذا المشهد إلا أنني أرى وبالذات في زمن التقلبات الموجعة التي تعصف بأمتنا العربية والإسلامية والتي نعيش آلامها هذه الأيام أن لأدباء الأمة ميدان يخوضون به معاركهم لنصرة الحق وانتصار الحقيقة التي يحاربها عدو يركض بخيله لتشويه الصورة الإنسانية للعروبة والإسلام، في هذا الميدان جياد صالت وجالت وقد سرجها شعرا فرسان تقلدوا سيوف الإبداع فهاهو أحمد شوقي يقول عن الحج:
إلى عرفات الله يا خير زائر.. عليك سلام الله في عرفات
فالشاعر هنا أصل السلام بصورة شعريه تؤكد هذا المبدأ الإنساني العظيم الذي يعمل به الإسلام وفي موقع آخر يشدو شوقي قائلا:
ويرمون إبليس الرجيم فيصطلي.. وشانيك نيرانا من الجمرات
فشاعرنا هنا لم يحدد جنسية أو جنس أو طبقة اجتماعية بذاتها وإنما قصد إنساناً مسلماً قدم من كل حدب وصوب مارس هذا النهج عند رميه للجمرات وهو يري أنا عدواة الإنسان لأخيه الإنسان يجب أن لاتكون في ظل اتحادهم ضد عدوهم المشترك إبليس ليستطرد أحمد شوقي في رائعته تلك بأبيات احتوت مصطلحات وكلمات ممتلئة بالإنسانية كالعفو والصفح..
أما بدوي الجبل القادم من الشام فهو لم يقل فروسية عن أحمد شوقي فهاهو يقول:
تلاقوا عليها من غني ومعدم.. ومن صبية زغب الجناح وشيب
إلى أن يقول:
وذل لعز الله كل مسود.. ورق لخوف الله كل صليب
ويارب في الإسلام نور ورحمة.. وشوق نسيب نازح لنسيب
إلى ان يقول
سجايا من الإسلام سمح حنانها.. فلا شعب عن نعمائها بغريب
وهنا بدوي الجبل ذكر المساواة وكذا كيف هي فاعلة مخافة الله بقلب الإنسان وكيف هو الإسلام دين نور لا ظلام فيه ولا كهنوتية بل هو دين رحمه وسماحة وحنان.. وعليه فإن الفرسان الذين سجل لهم التاريخ بطولاتهم الإبداعية الأدبيه كثر بل إن منهم من هو مكي ومن هو من أهل الحجاز الذين تمخضت أيديهم برسم تلك الصور المشرقة الإ أن المجال لا يتسع للذكر..
خاتمة:
طالما أننا نملك مخزونا إبداعيا في أدب رحلات الحج فلماذا يا معالي وزير الثقافة والإعلام لا يخصص سنويا وأثناء تأدية المسلمين لفريضة الحج جائزة تمنحها الدولة لأفضل ما قيل في الحج شعرا أو نثرا أو تأليف على مستوى العالم، وبذلك نحيي سنة ثقافية تؤصل إنسانية الإسلام هذه السنة تنطلق من أرض الحرمين الشريفين وتعود له بل نتمنى إيجاد مرجعية لمثل هذا الأدب. والله من وراء القصد.