ازداد عدد التأشيرات للسعوديين المتجهين إلى فرنسا، على الرغم من صدور قانون «منع النقاب» الذي فُرض على المسلمات، ووصل عدد التأشيرات التي تم استخراجها لإجمالي المواطنين السعوديين المسافرين إلى فرنسا خلال الشهرين الماضيين نحو 6000 إلى 8000 تأشيرة، بحسب الموظف في قسم استخراج التأشيرات في السفارة الفرنسية في الرياض شيخ رضي، الذي ذكر أن عدد التأشيرات التي تم إصدارها للسعوديين للسفر إلى فرنسا لصيف 2012م بلغ قرابة مائتي تأشيرة يتم إصدارها يومياً، فيما بيّنت سعوديات عائدات من فرنسا أنه تتم مراعاة السياح، لافتين إلى أنّ المنقبات لم يتم إيقافهنّ في شوارع باريس، فيما انتقدت مواطنة فرنسية هذا القرار الذي عدّته تعدياً على الحريات، وهو عكس ما روّجت له وزيرة العدل الفرنسية (ميشيل أليو- ماري) حينما قالت إنه يمثل نجاحاً للديمقراطية وللقيم التي تمثلها الجمهورية الفرنسية من حرية ومساواة بين الرجال والنساء والإخاء والقدرة على العيش معاً في مجتمع واحد.
وجاءت موافقة البرلمان الفرنسي على مشروع القانون الذي قدمته وزيرة العدل الفرنسية ميشيل أليو- ماري، لحظر ارتداء النقاب في جميع الأماكن العامة في فرنسا منذ عام 2010م، حيث تم وضع غرامة مالية تصل إلى 150 يورو تُفرض على من تغطي وجهها بالنقاب وغرامة ثلاثين ألفاً لكل من يفرض على المرأة ارتداء النقاب والسجن مدة عام. فيما تشير التقديرات إلى وجود 1900 امرأة يغطين وجوههنّ بالنقاب.
20% حجوزات
وذكر مدير المبيعات في وكالة داناتا للسفر والسياحة في الخبر اسمه (أكبر) أن نسبة المسافرين السعوديين إلى فرنسا شكلت ما نسبته 20% من نسبة الحجوزات، وأوضح أن السعوديين بدأوا الحجوزات إلى فرنسا منذ شهر مارس وفبراير الماضيين، حيث تتضمن الاستعدادات الإيفاء بمتطلبات التأشيرات التي تعدّ نوعاً ما دقيقة.
وذكر موظف الحجوزات في وكالة ريكسون للسفر والسياحة في جدة سامح طلعت، أن عائلتين سعوديتين قامتا بإلغاء حجزهما إلى فرنسا هذا الصيف بعد سماعهما بتطبيق القرار، حيث تم طلب تحويل وجهة العائلتين إلى دول أوروبية أخرى.
وأوضحت نورة محمد التي عادت مؤخراً من فرنسا، أنها خلال رحلتها لم تشاهد منعاً لارتداء النقاب أو اللثام، غير أن ذلك ملاحظ في مطارات فرنسا فقط لأسباب أمنية ? كما يظهر لها.
وذكرت أم شريف وهي مواطنة تدرس في فرنسا منذ حوالى العام، أن النقاب واللثام يمنع ارتداؤه فقط في وسائل النقل العام والمطار ومحطة القطار والدوائر الحكومية، كما يمنع أن تقود المنقبة والملثمة السيارة، بينما لا يوجد في الشارع تشدد حول هذا الأمر، مشيرة إلى أنه في المطار يتم التنويه بأن النقاب ممنوع، ولكن بشكل عام لا يتم إزعاج السياح والخليجيين خصوصاً.
وتقول المواطنة الفرنسية «ليتيسيا» إن القرار الذي صدر منذ عام لا هدف له وغير عادل، لأن فرنسا دولة الحريات وكل فرد له حرية اختيار الديانة التي يرغبها وحرية ما يريد ارتداءه من ملابس، وأشارت إلى أنه حتى قبل صدور القرار لم تُشاهد أي امرأة منقبة في فرنسا، لكن تتوقع بأن هناك جهات تريد أن تسلط الضوء على الإسلام بإثارة موضوع «ارتداء المرأة للنقاب» في محاولة لتصوير هذا الدين بأنه يقيد المرأة ويجعلها غير قادرة على فعل ما تريد، خاصة وأنه ليس كل الفرنسيين قادرين على استيعاب هذه الثقافة الدينية، وقالت ربما يتغير هذا القانون خاصة وأن الرئيس الفرنسي تغيّر.
وأوضح رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الدكتور أحمد جاب الله، أن الاتحاد سبق وأن أعلن أن قانون منع ارتداء النقاب في فرنسا فيه تقييد للحريات، مؤكداً أن القانون يُطبق أحياناً وأحياناً أخرى يتم فيها غضّ الطرف، وهذا يدلّ على عدم وجود جدية في إصدار القانون وإنما أراد من أصدروه لفت الأنظار إلى الإسلام والتضييق على المسلمين رغم أن صيغته عامة وترفض تغطية الوجه بشكل عام، ولكن لا يوجد في الديانات الأخرى من يقوم بتغطية وجهه غير المسلمات، مشيراً أن البعض رأى أن هذا القانون صعب التنفيذ، حيث لا يطبق القانون على المرأة المنقبة عندما تكون داخل السيارة كونها مكاناً خاصاً وليست مكاناً عاماً مفتوحاً كأن تمشي في الشارع، والحالات التي تم تطبيق القانون عليها ليست كثيرة، وأضاف أن غض الطرف من قِبل أفراد الشرطة عن النساء المنقبات في شوارع باريس ليس تعاطفاً معهنّ، وإنما عدم الرغبة في الدخول في المشكلات، مشيراً إلى أن غالبية المسلمين والمسلمات يقطنون في مدينة باريس وضواحيها، حيث يبلغ عدد المسلمين ستة ملايين في فرنسا، وقال إن الحجاب لايزال حتى الآن ممنوعاً بشدة في المدارس الحكومية، غير أن قانون المنع الصارم هذا لا يسري على طالبات مدارس السفارات أو المدارس الخاصة، كما أنه لا يُطبق في الجامعات، مؤكداً أن بعض المضايقات التي قد تحدث في الجامعات للمُسلمات المحجبات غير قانونية.
وأضاف جاب الله أن «جمعية 15 مارس» للدفاع عن الفتيات المحجبات في فرنسا، تابعة للاتحاد وهدفها دعم الفتيات اللواتي يتعرضن للمضايقة، وكانت من الجهات التي شجبت هذا القرار، وقال»مع الأسف، طالما أنه يوجد قانون وتم اعتماده والتصويت عليه في البرلمان، فإننا لا نستطيع إلا أن نلتزم». ويرى جاب الله أن تغيّر الحكومة والرئيس الفرنسي الجديد سيزيد من التشدد في فرض قوانين منع الحجاب في المدارس ومنع ارتداء النقاب في المدارس، لأن الحكومة الجديدة من الحزب الاشتراكي العلماني الذي يحاول طمس معالم الأديان. وأضاف أن الشعب الفرنسي يتأثر بالإعلام الذي قدّم صورة النقاب بشكل مشوّه وربطه بالإرهاب.
وبحسب تقرير أعده موقع (CIIF) لعام 2012م، الذي يُعنى بدراسة أوضاع المسلمين في فرنسا خاصة فيما يتعلق بالتمييز ضدهم، فإن النساء المسلمات يواجهن اعتداءات هناك، حيث تعرضن إلى خمسة اعتداءات جسدية، بالإضافة إلى وجود مواقف معادية لهنّ مثل التخويف والشتم والتحرش، ودوماً ما تكون النساء المحجبات مستهدفات بنسبة 94% من الحالات.
أكد نائب رئيس البعثة لسفارة خادم الحرمين الشريفين في فرنسا الدكتور علي القرني، أن القانون الفرنسي يحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، حيث بدأ تطبيقه منذ أكثر من عام، وأن على من يريد زيارة فرنسا الالتزام بقوانينها. كما أوضح أن التحذيرات الخاصة بالسفر إلى فرنسا موجودة في كتيب طبع كدليل للسائح، كما أن تعليمات وإرشادات السفر إلى فرنسا موجودة على موقع السفارة الإلكتروني، وأن الفقرة الثانية من التحذيرات تختص بقانون النقاب في فرنسا. وحول الحديث المتداول حول أن القانون يقتصر تطبيقه على المقيمات في فرنسا، أشار إلى أن القرار لم يُفرّق بين مقيمة وسائحة، وأنه لم تصلهم أي شكوى من مواطنين سعوديين تختص بالنقاب، مشيراً إلى أن السعوديات الثلاث اللواتي مُنعن من دخول فرنسا بسبب ارتدائهن النقاب لم يتصلن بالسفارة ولم يطلبن المساعدة من السفارة، وأنهن لو طلبن المساعدة لأمكن للسفارة حل الإشكال، وأكد على تعاون السلطات الفرنسية مع السفارة السعودية، كما أكد أيضاً أنه لم تصل السفارة أي شكوى من الطالبات السعوديات فيما يتعلق بارتداء الحجاب بالجامعات، كون الممنوع النقاب وليس الحجاب. وناشد السيّاح بضرورة تسجيل جوازاتهم لدى السفارة فور وصولهم كما تطالب وزارة الخارجية، حتى تتسنى مساعدتهم من قِبل السفارات في حال حدوث أي مكروه لا قدر الله.