أكد وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف أن السياسات المالية والاقتصادية التي اتبعتها المملكة أثبتت نجاحها عند مواجهة الأزمة المالية العالمية عام 2008 حتى الآن، مشيرا إلى أن المملكة استعدت لمثل هذه الأزمات بتوفير احتياطات كافية لمواجهتها وفي نفس الوقت عملت على استمرار برنامج الإنفاق الحكومي التنموي والاستثماري في عام 2009 رغم الانخفاض الحاد في أسعار البترول كما ينخفض الإنفاق الاستثماري.
وقال العساف في تصريح صحفي في أعقاب اختتام اجتماعات الدورة الرابعة والتسعين للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في وقت سابق أمس إن الاجتماع ناقش التعاون المالي والاقتصادي الذي كان من بين أهم الموضوعات التي تم بحثها، إضافة إلى متابعة قرارات القمة الثانية والثلاثين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون التي عقدت في الرياض مؤخراً وكذلك الإجراءات المتعلقة باستكمال السوق المشتركة والاتحاد الجمركي في دول المجلس والتعاون مع التجمعات والدول الأخرى التي تمت مناقشتها استعدادا لمؤتمر القمة المقبل”.
وأكد العساف أن التأثير الأساسي في الميزانية العامة للمملكة يأتي من أسعار البترول، مبينا أن تبعات قرارات الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي الأمريكي) لم تتم مناقشته إلا من خلال منظور تأثيره في التطورات الاقتصادية العالمية ومتابعة تأثيرات قرارات البنك المركزي الأوربي المشابه لقرار التيسير الكمي الأمريكي في النمو الاقتصادي في أوروبا التي تتم دراستها لمعرفة مدى تأثيرها في نمو الاقتصاد العالمي، معربا عن أمله في أن تكون مثل هذه القرارات محفزة وعوامل إيجابية لمستويات نمو الاقتصاد الأمريكي بما ينعكس على النمو الاقتصادي في بقية دول العالم.
وأضاف أن السياسة التي تتبعها حكومة خادم الحرمين الشريفين أثبتت نجاحها عندما واجهت الأزمة المالية في 2008 وعملت على ذلك عن طريق توفير احتياطات كافية واستمرت في تنفيذ البرنامج الاستثماري للحكومة رغم ظهور الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ورغم الانخفاض الحاد في أسعار البترول، مشيرا إلى أن المملكة لم تخفض إنفاقها الاستثماري وذلك بفضل الاستعداد والاحتياط لمثل هذه الظروف التي ستمكنها بعد توفيق الله من مواجهة أي انتكاسة في الاقتصاد العالمي لا سمح الله لوجود الاحتياطيات.
وأفاد وزير المالية أن ذلك يعكس أهمية بناء احتياطيات مالية كافية لتنفيذ السياسات الاستثمارية والتنموية على المدى المتوسط وليس فقط على المدى القصير، مبينا أن الاجتماعات التي عقدت بمشاركة مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد خصصت لبحث علاقتنا بصندوق النقد الدولي والاستماع لمرئيات الصندوق بشأن الاقتصاد العالمي وكذلك الحوار فيما يتصل بالسياسات الاقتصادية التي تتبعها دول مجلس التعاون والتعاون مع صندوق النقد الدولي في هذا المجال.
وعن اجتماعات لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون أبان وزير المالية أنه تم بحث عدد من الموضوعات وتم الاتفاق على عدد كبير من القرارات بعضها اتخذ والبعض الآخر تم إقرار توصياتها والرفع بها إلى المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، لافتا النظر إلى أن من أهم الموضوعات التي تمت مناقشتها هو ما قامت به هيئة الاتحاد الجمركي، حيث تمت التوصية خلال الاجتماع فيما يتعلق ببعض السلع والرسوم الجمركية وغيرها وتم الرفع بالتوصيات إلى المجلس الأعلى لإقرارها، مؤكدا انه يجب الانتهاء من هذه الإجراءات قبل نهاية عام 2014 ليتم تطبيقها بداية عام 2015 حسب توجيه قادة دول المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون.
وتوقع العساف أن يتم التشغيل الفعلي لسكة الحديد الخليجية بمشيئة الله في عام 2018 حيث يتم حاليا دراسة بعض القضايا المتعلقة بها فيما سيتم استكمال الباقي في المستقبل وأن يتم تشغيل القطارات عبر استخدام قطارات الديزل، لافتا النظر إلى أنه تم بحث قضايا عبور القطارات للحدود بين دول مجلس التعاون وأن جميع دول المجلس ملتزمة بتنفيذ جميع ما تمت مناقشته بهذا الخصوص.
وقال: “إنه يوجد العديد من مشروعات السكك الحديدية بالمملكة مثل سكة حديد الشمال المتفرع لمدينة الرياض الذي سيصل لمدينة جدة والجسر البري الذي تعمل عليه شركة (سار) إضافة إلى قطار الحرمين، مبينا أن الجزء الأكبر من مشروع القطار الخليجي سيكون على أراضي المملكة وأنه قد يتم عبر المملكة ربط اليمن بالقطار الخليجي في المستقبل، بيد أن الفكرة الحالية هي ربط الدول الست الأعضاء بمجلس التعاون.
وأبان وزير المالية أنه تم خلال الاجتماع كذلك الموافقة على نظام العلامات التجارية التي أقرت سابقا من وزراء التجارة الخليجيين التي سترفع للمجلس الأعلى لإقرارها.
وقال العساف في افتتاح الدورة الرابعة والتسعين للجنة التعاون المالي والاقتصادي “نجتمع اليوم في ظل ظروف اقتصادية تشهد تطورات دقيقة وحساسة تستوجب منا التعامل معها بمزيد من التكاتف والتلاحم بين دولنا أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما كان وراء مبادرة خادم الحرمين الشريفين لإخوته قادة دول المجلس في قمتهم الثانية والثلاثين المنعقدة بمدينة الرياض في 19 ديسمبر 2011، بتجاوز مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، مدركون جميعا أن الاستجابة لتطلعات قادتنا بهذا الخصوص تستلزم منا التعامل مع المهام المناطة بنا وعلى رأسها متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي بحرص أكبر منذِ قبل وتكثيف أعمالنا واللجان التابعة للجنتنا وتجاوز أية تحفظات على أعمال هذه اللجان بما يسهل انجاز أعمالها وتسهيل الطريق نحو الوصول الى طموحات قادتنا وشعوبنا.
من جانبه قال الامين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني ان هذا الاجتماع الثاني لدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى التي عقدت بالرياض في ديسمبر الماضي، التى كانت من اهم مخرجاتها القرارات والبيانات الصادرة عن هذه الدورة التاريخية وفي مقدمتها ترحيب ومباركة قادة دول المجلس بالاقتراح المقدم من خادم الحرمين الشريفين بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وصدور إعلان الرياض في هذه الدورة الذي تضمن، والتأكيد في فقرته الرابعة على “العمل الجاد لتحقيق أعلى درجات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وتجاوز العوائق التي تعترض مسيرة إنجاز الاتحاد الجمركي والوحدة النقدية والسوق المشتركة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية”.
وأوضح الامين العام لمجلس التعاون ان هناك عددا من الموضوعات المهمة معروضة على اجتماع اليوم تتضمن التوصيات المرفوعة من وكلاء وزارات المالية والاقتصاد بدول مجلس التعاون في اجتماعهم الثامن والثلاثين (26 أكتوبر 2012) التحضيري لهذا الاجتماع، وكذلك التوصيات المرفوعة من لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول المجلس وهيئة الاتحاد الجمركي ولجنة السوق الخليجية المشتركة، واللجان المعنية بمشروع سكة حديد دول مجلس التعاون، وكلها توصيات تتعلق بقضايا التكامل الاقتصادي بين دول المجلس.