في لحظةٍ كان ينتظر فيها الجاني فيصل العامري السجّان ليفتح باب زنزانته ويقودَه لساحة القصاص لتنفيذ الحُكمِ الشرعي الذي صدر بحقه بعد أن قام بقتلِ عبدالله الدوسري -والذي يسكن معه في نفس الحي في « مضاربة » جماعية بين مجموعة من المراهقين- فوجئ بوالد القتيل ربيعة الدوسري يزوره في سجنه في ساعة متأخرة من الليل ويزفُّ له بُشرى عِتق رقبته لوجه الله تعالى في مشهدٍ مؤثرٍ أبكى جميع من حضر.
وكانت لجنة إصلاح ذات البين بالدمام إنفاذاً لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية رئيس اللجنة العليا لإصلاح ذات البين بعد أن تقرر تنفيذ الحكم سعت لإقناع ولي الدم بالتنازل لوجه الله تعالى، وهذا ما حصل بالفعل يوم الأربعاء الماضي عند اجتماع اللجنة بولي الدم ربيعة بن بلال الدوسري في منزل الشيخ عبدالرحمن الدوسري ،وقد أعلن والد القتيل تنازُلَه لوجه الله تعالى ورفضَ أيَّ مبالغَ ماليةٍ ،لكنه اشترط على القاتل حِفظ القرآن الكريم كاملاً قبل خروجه من السجن، بالإضافة للسماح له بزيارة القاتل في السجن في تلك الليلة، وهذا ما حدث بالفعل ليزُفَّ له بُشرى عِتق رقبته،
والد القتيل أكّد بأن تنازله لوجه الله تعالى ثم استجابة لشفاعة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية الذي يسعى دائماً للإصلاح بين الناس ،وتكليفِ لجنة إصلاح ذات البين بهذه المهام، وأضاف ولي الدم : لقد رفضتُ أيَّ مبالغ ماليةٍ إبتغاءً لِما عند الله، فهو خيرٌ لأنَّ المال لا يدوم وسأرحل عن الدنيا ،ولن آخُذَ هذه الأموال معي ودم ابني لا يُقدَّرُ بثمنٍ ،لكن ما وعدَ به الله مَن يعفو عن أخيه المسلم لوجه الله هو الذي جعلني أعفو طلباً لِما عنده سبحانه .
وعن شرط حفظ القاتل للقرآن، قال الدوسري : أصبحنا نرى هذه الأيام بعض الشباب الذين يُعفى عنهم في قضايا قتلٍ يعودون لإرتكاب جرائم بعد خروجهم من السجن، وهذا يدلُّ على أنهم لم يعتبِروا ممّا أصابهم، وقد أشترطتُ حِفظَ القاتل لكتابِ الله من أجل أن يطمَئِنَّ قلبي ،بأنّ هذا الشاب سيخرج للمجتمع رجل صالح لأن من حفظ كتاب الله عن ظهر قلبٍ يستحيل أن يقوم بما يغضب الرب سبحانه.
وعن إصراره على زيارة قاتل ابنه فيصل العامري في سجنه ليبلغه بتنازله : قال الدوسري: كنت حريصا على أن أكون أول من يبلغه بعتق رقبته لأدخل الفرحة في نفسه بعد أن أدخل الحزن في نفسي وأشعره بأني لا أكرهه بل أكره فعله الذي أفقدني أبني عبدالله ولكي أوصيه بأن يكون رجلاً صالحاً يعين والدته المسكينة على هذه الدنيا ورسالتي لأبنائي الشباب أن لا يستهينوا بقتل الأنفس فنحن في بلد والحمد لله يطبِّق شرع الله والقاتل يُقتَل فلا يدخلون الحزن في نفوس أبنائهم وامهاتهم وأقاربهم وكذلك أسرة القتيل .وكانت «اليوم» انفردت بنشر الموضوع في عدد سابق .