كشف مصدر خليجي مسؤول عن عزم وزراء العمل والشؤون الاجتماعية الخليجيين التوصل إلى صيغة نهائية لقانون ينظم عمل العمالة المنزلية في المنطقة خلال اجتماع سيجمعهم في العاصمة البحرينية المنامة تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وأوضح أن المجلس التنفيذي لوزراء العمل والشؤون الاجتماعية الخليجيين يسعى إلى إيجاد عقد موحد خاص للعمالة المنزلية، مشيرا إلى أن لجنة مشتركة من دول الأعضاء قد ناقشت الأمر وأعدت مشروع العقد وسيعرض على الوزراء في الاجتماع الوزاري المقبل، مفصحا عن حق أي دولة التعديل على هذا العقد.
وأضاف المصدر “فكرة العقد الموحد ستكون في بنود محددة، وسيتم الإعلان عنها بعد اعتماده من قبل الوزراء في الاجتماع المقبل”، رافضا أن يفصح عن أي تفاصيل إلا بعد انتهاء الاجتماع الذي إما يعتمد مشروع القرار أو تعديله، ملمحا إلى أن العقد الموحد يعدّ قاعدة لتنظيم العمالة المنزلية فقط.
ويأتي هذا التوجه لرسم ملامح عقد موحد للعمالة المنزلية، كخطوة عملية جديدة في طريق التنسيق والتعاون المستمر بين دول المجلس، بعد توجه بعض الدول المرسلة للعمالة المنزلية في تحديد حد أدنى مبالغ فيه لأجور عمالتها.
من جهة أخرى، طالبت سحر الكعبي، رئيسة لجنة الموارد البشرية في مجلس الغرف الخليجية، وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بضرورة أن يكون هناك قرارات تنظيمية لوقف تضخم الإشكاليات الكبيرة التي تواجه منطقة الخليج بخصوص العمالة المنزلية كهروبها، والضغوط التي تتعرض لها دول المجلس من منظمة حقوق الإنسان حول مسألة الهجرة وحق تلك العمالة للجنسية، مضيفة “نواجه ضغوطا عدة منذ عامين من قبل منظمتي حقوق الإنسان والعمل الدولية لمنح العمالة التي مضى عليها أكثر من عشرة أعوام الجنسية، لكن دول المجلس وقفت لتلك الضغوط وحولت تلك القرارات إلى توصيات فقط”، مبينة أنه تم الاعتراض على بعض الشروط التي سنّتها منظمة العمل الدولية على دول المجلس بسبب مخالفتها لعادات شعوب المنطقة وتشريعات الدين الإسلامي.
وزادت سحر الكعبي “لا يوجد في الخليج قوانين منظمة للعمالة المنزلية، إنما هي قوانين عامة من قانون العمل العام في كل دولة، ولا توجد تشريعات تنظم هذه العمالة التي يفترض أن تقوم بدراستها وتشريعها كل من وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية بهدف تحديد هذه التنظيمات وتوحيدها على مستوى المجلس”، مؤكدة وجود خلل في اختلاف التنظيمات بين دول المجلس، وأن السوق في حاجة إلى قرارات لتنظيم العمالة في ظل فرض الدول المصدرة أنظمتها وقوانينه على دول الخليج.
وبينت الكعبي أنه يوجد قانون للعمالة كافة، لكن ليس هناك قانون منفصل للعمالة المنزلية، واصفة هذا بالإشكالية الكبيرة في الخليج والتي يجب أن تسن مثل هذا القانون حتى لو كان الوحيد في العالم؛ لأن دول المنطقة تعد أكثر دول العالم جذبا للقوى العاملة المنزلية، ملمحة إلى أن عدم وجود التنظيمات قد يحول هذه العمالة إلى “مافيا” تستغل الوضع لأهداف أخرى، مطالبة المسؤولين في دول المجلس بالتعجيل في استصدار قانون محدد لتنظيم هذا السوق لحفظ حقوق الأطراف كافة.
من جانب آخر، أكد فاضل اشكناني، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لأصحاب مكاتب العمالة المنزلية، أن تنظيم الاستقدام بين دول المجلس سيقضي نحو 60 في المائة من مشاكل العمالة المنزلية، مضيفا “إذ لم تنظم السوق فإن أي قرار لا يمكن تطبيقه على أي دولة، ولا بد أن يكون هنالك تنظيم إداري يطبق القرارات على مستوى الدول، كالحد الأدنى للأجور وهذا دور المسؤولين عن إصدار ودراسة القرارات التي تطبق على مستوى الدول”.
وزاد “على الوزارات المعنية في مجلس التعاون الخليجي أن تجتمع للاتفاق على بعض الأمور للوصول إلى نتائج موحدة، لمعالجة المشاكل المشتركة، والتي ما زالت تنتظر اتخاذ قرارات عليا، وإذا استمر تعليقها فلن تحل تلك المشاكل وبخاصة أن أغلب المشاكل التي تواجه المنطقة مع العمالة المنزلية متشابهة أبرزها السرقة والهروب وسوء المعاملة”. وبيّن أن القانون المعمول به في القطاع الأهلي في الخليج والمتعلق في العمالة كافة قد لا يتناسب مع طبيعة العمالة المنزلية التي تخص الأسرة لاختلاف آليات العمل وتأثيراته في ظل صعوبة إيجاد الرقابة على عملها.
ولفت اشكناني إلى أن هنالك تعديلات على قانون للعمالة المنزلية مطروحة في مجلس الأمة الكويت، ويهدف إلى فصلها عن العمالة الأخرى، كما ينتظر إنشاء الهيئة العامة للعمالة تضم العمالة المنزلية والأهلية تحت مظلتها.
وأوضح اشكناني أن تكرار عمليات إيقاف استقدام العمالة المنزلية ليست من صالح دول المنطقة؛ نظرا لأن الطرف الأكثر تضررا في هذه المسألة هو المواطن الخليجي؛ لأن نسبة تكلفة استقدام العمالة المنزلية سترتفع وهذا ما حدث خلال العامين الماضيين بسبب الإيقاف، لافتا إلى أهمية أن تعالج أي مشكلة دون سياسة الإيقاف، وأن يكون هنالك ممثل واحد لدول المنطقة لمناقشة بنود وترتيبات أي اتفاقيات بين الدول المصدرة للعمالة المنزلية والدول المستقبلة.
وعن الحلول العاجلة التي يمكن تعمد لها دول المجلس لمعالجة إشكالية العمالة المنزلية قال أشكناني “على الدول سن قرارات إدارية من الوزراء لحل مشكلة التفاوت بين الأنظمة وتوحيدها، وإلزام مكاتب الدول المصدرة والمستقدمة بتوعية العمالة فيما يخص قوانين الدول لوقف المخالفات، وأن يكون هنالك معسكر تدريب من خلال مكاتب خليجية تخضع العمالة للتدريب؛ ما يسهم في خفض نسبة المشاكل الناجمة عن الفروق وعدم معرفة عادات وقوانين الدول الخليجية المحافظة وبين العمالة التي تأتي من دول تختلف عادتها، بنسبة قد تصل إلى 25 في المائة. كما أوصى بأهمية اتخاذ قرار موحد لتنظيم هذه العملية ووضع دول المنطقة في مركز القوة أمام الدول المصدرة التي تملك تنظيم أفضل لعمالتها؛ حتى لا تكون دول الخليج تحت ضغط تلك الدول، بجانب فتح المجال للاستقدام من دول أخرى تفوق الـ50 دولة بدل حصرها على خمس أو عشر دول.