أكد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – يوجه دائماً أمراء المناطق بحل مشكلات المواطنين وبحث مظالمهم والاقتراب منهم مشيراً إلى أن مواطني المملكة في جميع المناطق سواسية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات .
جاء ذلك في حوار خاص أجرته وكالة الأنباء السعودية مع سمو ولي ولي العهد فيما يلي نصه :
س ـ سيدي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء.. نقدم التهنئة لسموكم بالثقة الملكية الكريمة بتعيينكم ولياً لولي العهد, ماذا تريدون أن تقولوا بهذه المناسبة؟
ج ـ أرفع أسمى آيات الشكر والتقدير إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود , وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظهما الله- على هذه الثقة الغالية الكريمة, وأشكر إخواني على ثقتهم, كما أشكر أعضاء هيئة البيعة, وأشكر الشعب السعودي الكريم على مبايعته لي، وأعد الجميع بأن المواطن وما يطمح إليه من تأمين احتياجاته في شتى المجالات سيكون في مقدمة أولوياتي واهتماماتي لأنه أغلى ثروات الوطن، إلى جانب كونه محور خطط التنمية والاستراتيجيات التي تضعها الدولة بغية توفير الخدمات, وتلبية الاحتياجات اللازمة له لتحقيق رفاهيته وأمنه وحقه في الحياة الكريمة.
س ـ كما تفضلتم سيدي أن المواطن في مقدمة أولوياتكم واهتماماتكم, فما هي رؤية سموكم لتحقيق هذه الأولويات ؟
ج ـ لقد اتخذ سيدي خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ وسمو سيدي ولي عهده الأمين عدة مبادرات مهمة لتحسين مستوى معيشة المواطن, ورفع كفاءة جميع القطاعات الحكومية التي يتعامل معها المواطن السعودي في شتى المجالات وعلى مستوى كل القطاعات الحكومية في جميع مناطق المملكة, لذلك سأضع تنفيذ ومتابعة هذه المبادرات في مقدمة اهتماماتي حتى يتم ترجمة وتنفيذ رغبة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين , والتأكد من الالتزام بالمراحل الزمنية الموضوعة لتنفيذ هذه المبادرات دون تأخير أو إبطاء, وكذلك إنفاق الاعتمادات المالية في الأوجه المخصصة لها لتنفيذ هذه المبادرات, بما يضمن سرعة التنفيذ ودقة الأداء التي يوصي بها سيدي خادم الحرمين الشريفين طبقاً للأولويات وفقاً لقاعدة الأهم فالمهم والعاجل ثم الآجل لتحقيق المردود الذي ينعكس على المواطن, علماً أن جميع مبادرات سيدي خادم الحرمين الشريفين مهمة جداً ومدروسة بعناية وغير قابلة للتأجيل أو التأخير في التنفيذ.
س ـ سيدي.. عند الحديث عن الاهتمام بالمواطن يأتي الحديث عن تنمية المناطق وتوفير الخدمات والمرافق في جميع مناطق المملكة.. كيف تنظرون إلى تنمية المناطق وإلى علاقة المواطن بإمارات المناطق وكيف يمكن تطويرها ؟
ج ـ أمراء المناطق يمثلون سيدي خادم الحرمين الشريفين في المناطق ويسهرون على تنفيذ توجيهاته وأوامره ـ حفظه الله ـ وكذلك تنفيذ المشروعات وتطويرها ومتابعتها وفقاً للخطط التي تضعها الحكومة والمدرجة على بنود ومخصصات الموازنة العامة للدولة, ويظل دور أمراء المناطق جزءً مهماً في منظومة الحكم الرشيد للمملكة, وبالفعل هناك تجاوب كبير من أمراء المناطق في الاقتراب من المواطنين ويعملون على حل مشكلاتهم, وكذلك فإن أمراء المناطق معنيون بمتابعة تنفيذ خطط التنمية في مناطقهم, وفي هذا السياق أود أن أؤكد لكم بأن مواطني المملكة في جميع المناطق سواسية فكلهم أبناء الوطن ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات, وإذا كانت هناك مناطق قطعت شوطاً في التنمية أكثر من غيرها فسوف يتم تدارك ذلك مستقبلاً حتى تلحق المناطق كافة بركب التنمية الشاملة والمستدامة.
س ـ كيف يرى سموكم التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني, وكيف يمكن مواجهتها للمحافظة على المكتسبات التي حققها اقتصاد المملكة وكذلك تأمينه من الهزات التي تتعرض لها الاقتصادات العالمية ؟
ج ـ الاقتصاد الوطني السعودي بخير وهو الأقوى في المنطقة بتوفيق وكرم من الله عز وجل وما منّ به على بلادنا من خيرات وفيرة ثم بفضل الإدارة الحكيمة التي تعتمد على التخطيط السليم والرقابة الدقيقة ما جعل المداخيل العامة للدولة تزداد سنة بعد أخرى وتحقق الميزانية العامة فوائض كبيرة، ويوجه سيدي خادم الحرمين الشريفين “حفظه الله” بتحويلها إلى القطاعات الأكثر احتياجاً لإيجاد التوازن في التنمية الشاملة بما يخدم المواطن في جميع المناطق, ومع ذلك تعمل حكومة المملكة على وضع الاستراتيجيات بعيدة المدى لتحقيق الرفاهية للأجيال المقبلة ـ وهذا دور الحكم الرشيد ـ ولذلك هناك عدة أولويات على بساط البحث والمناقشة وهي :
1-تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية, فما زال النفط ومشتقاته يمثل المصدر الرئيسي للموازنة العامة للدولة, ولذلك من الضروري إيجاد بدائل مساندة حتى لا تتأثر الموازنة العامة, أو المشروعات التنموية العملاقة التي تشهدها المملكة في حال تعرض أسعار النفط ومشتقاته للتذبذب جراء أحداث سياسية أو اقتصادية أو أي سبب آخر وهذا ما يجعل تنويع مصادر الدخل ضرورة إستراتيجية.
2- تخفيض استهلاك الطاقة الأحفورية (النفط والغاز) حيث إن معدل استهلاك المملكة من هذه الطاقة مرتفع جداً مقارنة بالاستهلاك العالمي مما يؤثر على الصادرات السعودية مستقبلاً, لذلك لابد من العمل على إيجاد مصادر طاقة بديلة خاصة من الطاقة الجديدة والمتجددة أو ما يعرف بالطاقة النظيفة التي تعتمد على توليد الوقود من الطاقة الشمسية, أو الرياح,
أو المفاعلات النووية ذات الاستخدامات السلمية.
3- التوسع في إيجاد فرص عمل للشباب لاستيعاب الخريجين والخريجات الذين يدخلون سوق العمل سنوياً وهم في حالة ازدياد سنة بعد أخرى وهذا يرجع للتوسع في قطاع التعليم وافتتاح المدارس والجامعات الجديدة, بالإضافة للنمو السكاني الكبير حيث تعد المملكة من بين الدول الأكثر نمواً في عدد السكان, مما استوجب التوسع في المشروعات الخدمية, والصناعية كثيفة العمالة التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتستوعب الكثير من الأيدي الوطنية.
4- مشاركة أوسع بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل الاستفادة من هذا القطاع المهم والمؤثر في الاقتصاد الوطني, كما يجب أن يستفيد هذا القطاع من دعم الحكومة له وهذا ما يحدث بالفعل حيث تقدم حكومة خادم الحرمين الشريفين كل الدعم والتسهيلات للقطاع الخاص وذلك من أجل تفعيل الشراكة لخدمة الاقتصاد الوطني.
5- العمل على زيادة الاستثمارات المحلية والخليجية والخارجية خاصة في المدن الصناعية العملاقة في مختلف المناطق, وهذه الاستثمارات مفيدة في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني, وتتيح المزيد من الفرص الوظيفية, وتعمل على تنمية المناطق خاصة تلك المناطق التي لم تحظ باستثمارات كبيرة, ولا سيما أن لكل منطقة من مناطق المملكة ميزة نسبية, كالزراعة, والصناعات الغذائية والدوائية, والسياحة, وغيرها من المجالات لذلك من الضروري الاستفادة من هذه المزايا النسبية في الاستثمارات لتحقيق التوازن المأمول في الاستثمارات والتنمية.
س ـ لقد نجحت المملكة العربية السعودية في إفشال المخططات الإرهابية الآثمة التي حاولت أن تعبث بأمن المملكة ومنشآتها, كما نجحت الأجهزة الأمنية في توجيه ضربات استباقية للجماعات الإرهابية, وتجفيف منابع تمويل هذه الجماعات.. كيف يرى سموكم الأوضاع الأمنية في المملكة و المنطقة على ضوء ذلك؟
ج ـ لقد نجحت المملكة العربية السعودية في هزيمة الإرهاب الذي استهدف بلادنا خلال العقدين الماضيين, الذي أستهدف الكثير من دول العالم أيضاً, وذلك بتوفيق من الله, ثم بتوجيهات القيادة الرشيدة وجهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وعزمه على مواصلة مكافحة الإرهاب ومعالجة أسبابه وحشد كل الجهود والإمكانيات, وبفضل السياسات الحكيمة التي تطبقها الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية والتي ينفذها رجال الأمن البواسل, وتآزر المواطنين ونبذهم للإرهاب, وسلامة المجتمع السعودي المسلم الذي يتسم بالوعي والإحساس بالمسئولية والاعتدال والوسطية, كل ذلك كان من أهم المرتكزات التي اعتمدت عليها المملكة في هزيمة الإرهاب, إضافة إلى دور لجان المناصحة بوزارة الداخلية التي نجحت في تصحيح المفاهيم للشباب السعودي الذي أرادت بعض التنظيمات أن تغرر به, كما أن أجهزة الأمن في المملكة تقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يعبث بأمن المملكة ولن تتهاون أبداً في تثبيت أركان ودعائم الأمن الذي هو أساس الاستقرار والتنمية والرفاهية, وهذا ما ينطبق على أمن الحدود، والأمن الاجتماعي، والاقتصادي، فأجهزة الأمن تشدد الرقابة على حدود ومنافذ المملكة لمنع التهريب بمختلف أنواعه, والإتجار بالمخدرات, والجريمة العابرة للحدود أياً كانت, عموماً أمن المملكة لا يقبل المساومة أو التهاون بأي شكل من الأشكال.
س ـ كيف يرى سموكم دخول المرأة إلى مجلس الشورى عضواً كامل العضوية بناءً على الأمر السامي الكريم من خادم الحرمين الشريفين وما الذي يمكن أن تضيفه المرأة للمجلس؟
ج ـ خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- يولي المرأة اهتماماً كبيراً وقد أكد – أيده الله – في أكثر من مناسبة على دورها كمواطنة فهي الأم, والأخت, والابنة, والزوجة, ودورها مهماً للغاية في مسيرة تطوير هذا الوطن ونموه, ولذلك فهي موجودة في كل المواقع في إطار تعاليم ديننا الحنيف وبما ينسجم مع تقاليد مجتمعنا, وبالتأكيد أن دخولها مجلس الشورى سوف يثري عمل المجلس ويضيف إليه الكثير خاصة ما يتعلق بشؤون المرأة, لاسيما وأن العضوات لهن تاريخ حافل بالعطاء في مواقع وظيفية مرموقة تولينها من قبل.
س ـ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان سباقاً ومدركاً للتحديات التي تتعرض لها المنطقة , فدعا – حفظه الله – إلى قيام الاتحاد الخليجي بدلاً من مجلس التعاون.. ما هي الفوائد التي يراها سموكم من هذا الاتحاد لدول الخليج, ومتى يمكن أن يتجسد كحقيقة على الأرض؟
ج ـ دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز “حفظه الله” لتأسيس الاتحاد الخليجي تنبثق من حنكته السياسية وشعوره بالمسئولية تجاه وطنه وتجاه منطقة الخليج, ومعرفته – أيده الله – بحقيقة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه دول الخليج العربية التي تجمعها أسس ومبادئ العقيدة الإسلامية السمحة، وترتبط بمصير واحد ومستقبل مشترك, فالتحديات التي تواجه دول الخليج واحدة, والاتحاد مطلب وحاجة لمواطني دول المجلس قبل أن يكون مطلباً للحكومات, بالإضافة إلى أن العالم اليوم يمر بمرحلة الكيانات الكبيرة والتجمعات الإقليمية ذات التأثير الاقتصادي, كالاتحاد الأوروبي, وتجمع دول جنوب شرق آسيا ( الآسيان ), وكذلك التجمعات الاقتصادية في أمريكا اللاتينية, والتجمعات المماثلة في غرب وشرق إفريقيا.
فقيام الاتحاد الخليجي ضرورة داخلية وإقليمية, كما أنه ضرورة أمنية واقتصادية, وسيكون عنصراً لاستقرار المنطقة, فهو ليس ضد أحد ولا يعادي أي دولة إقليمية أو عالمية, وليس له سياسة توسعية أو أطماع خارجية, كما أنه يحفظ لكل دولة خليجية سيادتها ونظامها ولن تحقق أي دولة من الدول الأعضاء أية مكاسب على حساب أي دولة أخرى من دول المنظومة الخليجية, وستعود الفائدة على الجميع وفي المقدمة المواطن الخليجي الذي من أجله تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي الذي من أجله أيضا سيكون الاتحاد الخليجي, وما أنجزه “التعاون” سيكون الأساس الذي ينطلق منه الاتحاد المأمول بعد الانجازات الكبيرة التي تحققت على مدار أكثر من ثلاثة عقود مضت على تأسيسه, أما عن موعد إعلان انتقال المجلس إلى مرحلة الاتحاد فسوف يكون ذلك في حينه وعند انتهاء وضع الصيغة الملائمة والذي أتمنى أن يكون بالقريب العاجل إن شاء الله تعالى.