أوضح الباحث الفلكي الدكتور خالد الزعاق، أن اليوم الثلاثاء هو آخر موسم “مرخيات القلايد”، ويوم غد الأربعاء أول موسم “سهيل” (مكذب الحسابات)، وأن بانتهاء موسم المرخيات ينتهي الصيف اللاهب وترتخي يد قبضته؛ مشيراً إلى أن الرياح الشمالية الباردة تهُب فيه وتخفف من رياح السموم؛ حيث يعتبر ظهوره بداية التغير الفصلي ودليلاً على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة؛ حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساء، ويطول الليل والظل، ويقصر النهار.
وتابع الباحث الفلكي قائلاً: “يبدأ موسم “سهيل” غداً الأربعاء، ومدته 53 يوماً، وهو أول مواسم السنة السهيلية، وهي سنة شمسية عدد أيامها 365 يوماً؛ مُوَزّعة على فصول ومواسم السنة”؛ مشيرأ إلى أنه بدخول “سهيل” ينكمش منخفض الهند الموسمي، ويقل تأثيره على بلدان الخليج؛ وخاصة السعودية، وتتكأكأ الرياح الشمالية وتنهض الرياح الجنوبية التي تمر على مسطّحات الخليج المائية، وتحمل معها الرطوبة فتتفشى.
حمأة الرطوبة
وقال: “من المتوقع أن تشتد حمأة الرطوبة خلال الأيام القادمة فترتفع درجات الحرارة المحسوسة جسمياً ونشعر بالسأم والملل وخاصة إذا توقفت حركة الرياح”؛ مشيراً إلى أن نجم سهيل أقوى شعاعاً من الشمس بنحو 15 ألف مرة، وقُطره يكبر عن قطر الشمس بحوالى 65 مرة، ويعتبر من النجوم الجنوبية ومن أهم وألمع نجوم السماء، وثاني ألمع نجم بعد الشعرى اليمانية.
نجم منعزل
وأردف “الزعاق” قائلاً: “نجم سهيل من النجوم الفردية المنعزلة العملاقة بمجرة “درب التبانة”، ويبعد عنا مسافة 300 سنة ضوئية، وأول ما يشاهَد في جنوب المملكة، أما شمال المملكة فلا يشاهد إلا في أواخر شهر أغسطس الجاري؛ وتحديداً في الثلث الأول من ذي القعدة قبيل شروق الشمس في الجهة الجنوبية، في الليالي التي يخبو فيها ضوء القمر، وتستمر رؤيته حتى أواخر شهر أبريل؛ حيث يختفي ويعود مرة أخرى في أغسطس. وظهوره بداية التغير الفصلي وانتهاء ريح السموم، ودليل على اعتدال الجو وكسر حدة الحرارة؛ حيث تتحسن الأجواء ويبرد الماء مساء، ويطول الليل والظل، ويقصر النهار، وأحياناً تهب فيه الرياح الشمالية الباردة التي تخفف من رياح السموم على صحاري نجد. والسبب الرئيس لتغير الطقس للأفضل هو زيادة مَيَلان أشعة الشمس كثيراً في موسمه وليس لذات النجم؛ فالشمس في هذا الوقت تميل نحو الجنوب، ويزداد اقترابها من خط الأفق يوماً بعد يوم؛ حيث يكون ارتفاعها عن الأفق 71 درجة عند طلوع “سهيل”، مقارنة بـ84 درجة في منتصف يونيو؛ مما يجعل أشعتها أقل حرارة، ويكون متوسط درجات الحرارة العظمى 45 درجة والصغرى 25 درجة مئوية”.
مركبات الفضاء واستخداماته
وبيّن: “هو لا يظهر في أوروبا بأكملها وشمال الولايات المتحدة وتركيا وأقصى شمال العراق؛ بل إنه ابتداء من خط عرض 38 شمالاً لا يشاهَد بتاتاً لحجب تحدّب سطح الأرض لرؤيته، وكلما اتجهنا جنوباً ازدادت فرصة مشاهدته؛ لوقوعه في الجزء الجنوبي من خط الاستواء، و”سهيل” من النجوم المهمة التي تُستخدم في الملاحة قديماً؛ حيث يعتبره بعض الملاحين كنجم القطب الجنوبي، ولا تزال مركبات الفضاء الأمريكية التي تتجه إلى الفضاء الخارجي داخل المجموعة الشمسية تستخدمه بغرض الملاحة واستدلال الطريق وتجهز عليه كاميرا لمراقبته”.
بدء موسم الصيد
وأوضح: “يقول العامة: (إذا طلع “سهيل” لا تأمن السيل، وتلمس التمر بالليل، ويبرد آخر الليل)؛ ويعني ذلك بداية سقوط الأمطار؛ ولكنها بشكل نادر جداً، وبداية لكثرة الرطب وبداية لتلطف الجو”؛ مشيراً إلى أن ظهور “سهيل” يستدل به الصقّارون على بدء موسم الصيد، ويهتم به عرب البادية؛ لأنهم سكان صحراء قاحلة وجافة؛ فبطلوعه بداية للانفتاح الفصلي بعد معاناتهم الشديدة من أشعة الشمس ولفح الهواء الساخن؛ حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ، وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض تدريجياً، ويصاحب ذلك تغييرات طبيعية؛ حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه الجوفية.
حوادث فصلية
وكشف “الزعاق” عن أن ظهور “سهيل” يقترن بالحوادث الفصلية؛ حيث يفيء الظل بعد أن كان معدوماً خلال فصل الصيف، ويبدأ طول الليل وقِصَر النهار فيبرد آخر الليل، وتهب ريح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن، وتميل الشمس ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف، ويبدأ موسم الرطب الجديد، وينتهي ادخار التمر الحويل، وتحسّ المواشي بالراحة؛ فتدر اللبن، وتختلط فيه جميع الطيور المهاجرة.
وقال: “من مقاييس كبار السن قولهم: (إذا قمتَ تصلي الفجر ولمست الماء ووجدت درجة برودته تختلف عن درجة برودته يوم أمس فاعرف أن “سهيلاً” ظَهَر)، ومن مقايسهم كذلك على دخوله أن الأشجار الكبيرة والصغيرة تخضرّ من ناحية الجنوب؛ علماً بأن موسم “سهيل” مخيف للمزارعين؛ وخاصة أصحاب النخيل؛ لأنه من المحتمل أن تسقط فيه الأمطار، والأمطار في هذا الوقت من الزمان مؤثرة جداً على التمر فتفسده؛ لذا يقولون (لا دخل سهيل لا تمنى السيل)”.
مكذب الحسابات
واختتم موضحاً: “بداية مشاهدة نجم “سهيل” بالأبصار بكل جلاء ووضوح تبدأ من نهاية الثلث الأول من ذي القعدة، وسيطل علينا بجماله وبهائه؛ علماً بأن هناك نجماً يظهر قبل “سهيل” ويشبهه؛ فيظن بعض الناس أنه “سهيل”، وهذا النجم يسمى “المحلف”؛ لذلك يقول العامة: (سهيل مكذب الحساب)؛ لأن بعض الناس يظنّ أن “المحلف” “سهيلاً” فيحلف بذلك؛ فإذا ظهر تَبَيّن سهيل الأصلي من المزيف”.