يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للقضاء على الفقر والذي يرجع تاريخ الاحتفال به إلى يوم 17 أكتوبر من عام 1987، حيث اجتمع في ذلك اليوم ما يزيد على مائة ألف شخص تكريماً لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع، وذلك في ساحة تروكاديرو بباريس، التي وقِّع بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948.
وتم الإعلان في ذلك اليوم عن أن الفقر يُشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ونُقشت الآراء حول هذا المضمون على النصب التذكاري الذي رُفع عنه الستار في ذلك اليوم.
الإسلام والفقر
ولقد اهتمَّ الإسلام بمشكلتي الفقر والبطالة، وحرص على علاجهما والوقاية منهما بوسائل متعدِّدة حفاظًاً على المجتمع المسلم من الأخطار التي قد تصيبه أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقائديًّا؛ لذلك كان رسول الله يستعيذ كثيرًا من الفقر، بل ويجمعه في دعاء واحد مع الكفر، فيقول صلى الله عليه وسلم : “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ”.
وقد فرض الاسلام الزكاة، وحث على الصدقات، وأمر بالعمل، وفكانت معالجته لمشكلة الفقر معالجة عمليَّة؛ استخدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم كل الطاقات والإمكانات المتوفِّرة لدى الشخص الفقير، وإن تضاءلت؛ حيث علَّمه كيف يجلب الرزق الحلال من خلال عمل، وعرض نماذج للرسل عليهم السلام، العاملين لكسب رزقه، فمنهم الخياط والحداد والنجار ومن رعى الغنم.
الفقر في العالم
وقد كشفت تقارير صادرة عن منظمة “جالوب” العالمية لعام 2014 أن قرابة 22% من سكان العالم تحت خط الفقر، وكشف تقرير التنمية البشرية لعام 2014 أن 2.2 مليار شخص بالعالم يعيشون في حالة فقر أو هم على حافة الفقر، حيث يعيش 1.2 مليار شخص على 1.25 دولار في اليوم أو أقل.
وبحسب التقرير الذي أصدره برنامج الأمم المتحدةالإنمائي، فإن 1.5 مليار شخص في 91 من الدول النامية يعيشون في فقر مع تداخل الحرمان من معايير الصحة والتعليم والمعيشة، ووجود حوالي800 مليون شخص معرضون لخطر الوقوع في الفقر إذا حدثت انتكاسات.
ووفقاً للتقرير؛ فقد حلت دولة النرويج في المرتبة الأولى عالمياً من حيث مؤشر التنمية البشرية 2014 تلتها أستراليا وسويسرا وهولندا في المراتب التالية، وتصدرت قطر الدول العربية باحتلالها المركز الـ31 عالمياً تلتها السعودية في المركز الثاني عربياً والـ34 عالميًا ثم الإمارات العربية المتحدة, بينما جاءت مصر بالمركز 12 عربياً و110 عالمياً.
الفقر في السعودية
انتقد باحثون ندرة نشر الدراسات التي تناولت إحصائيات نسب الفقر في السعودية أو بالكاد تكون معدومة سوى ما كشفته وزارة الشئون الاجتماعية ، أن هناك أكثر من 1.5 مليون سعودي يستفيدون من خدمات الضمان الاجتماعي الذي تقدمه الوزارة، رغم أن هذا العدد ينقسم ما بين مخصصات الموازنة لمواجهة برامج معالجة الفقر وبين البرامج الأخرى التي يستفيد منها المهمشون اجتماعيًا بالمملكة.
ونشرت صحيفة “واشنطون بوست” الأمريكية تقديرات غير رسمية تشير إلى أن نسبة الفقراء في السعودية، تصل إلى 25% من السعوديين، أي بما يعادل 5 ملايين مواطن، كما أشارت إلى أن ما بين مليونين إلى أربعة ملايين سعودي يعيشون تحت خط الفقر.
دور المملكة في مكافحة الفقر
لم يعد ملف الفقر في السعودية مسكوتاً عنه بعدما دشن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، عندما كان ولياً للعهد، في 2002م عهداً شفافاً جديداً في مواجهة تلك المشكلة، وكانت الخطوات الأولى زيارته لعدد من الأحياء الفقيرة في الرياض، فكان ذلك إيذاناً باعتبارها قضية ينبغي تعاون الجميع من أجل إنهائها.
وأولت الميزانيات السعودية سنوياً اهتماماً كبيراً ببرامج معالجة الفقر والصندوق الخيري الوطني؛ والمخصصات السنوية المتعلقة بالأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والضمان الاجتماعي، وكشف وزير الشؤون الاجتماعية د. يوسف العثيمين في كلمةٍ أمام مجلس الشورى أن الوزارة تنفق ما يتجاوز 26 ملياراً سنوياً إعانات شهرية للمحتاجين بطريقة مباشرة .
وجاء تأسيس “الصندوق الخيري لمكافحة الفقر” بأمر ملكي في 2003؛ ليكون أحد الآليات الفاعلة للاستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة.
ويتمتع الصندوق بالاستقلال الإداري والمالي، ويُموَّل من مصادر عدة، أبرزها: ما تخصصه الدولة من مبالغ أو إعانات مالية وعينية، إضافة إلى عوائد استثمار أصوله وممتلكاته.
خط الفقر أم خط الكفاية؟
ابتكرت دراسة حديثة في المملكة مصطلحاً تنموياً ينتظر أن يحدث حراكاً واسعاً في أوساط التنمويين.. والمصطلح الجديد هو: “خط الكفاية” بديلاً لمصطلح “خط الفقر” المتداول عالمياً، لرصد معدل الفقر ونسب انتشاره.
وتوصلت الدراسة التي تبنتها مؤسسة الملك خالد الخيرية، وأعدها الباحث السعودي أ.د. سامي بن عبدالعزيز الدامغ، إلى أن “خط الكفاية” هو البديل المناسب كقياس للفقر في المجتمع السعودي. ووصف الباحث المصلح الجديد بأنه “الحد الذي يمكن عنده للأفراد أو للأسر أن يعيشوا حياة كريمة، وألا يحتاجوا إلى أي مساعدات إضافية، ولا يمكنهم دونه العيش حياةً تغنيهم عن استجداء المحسنين أو التردد على الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات أو التسول”.
ووفقاً للدراسة البحثية التي شملت عينة من عشرة آلاف أسرة سعودية من مناطق المملكة فإن “خط الكفاية” للأسرة المكونة من خمسة أفراد هو مبلغ8926 ريالاً شهرياً.
ويهدف “خط الكفاية” إلى إشباع عشرة مكونات هي المسكن، والمأكل، والملبس، والرعاية الصحية، والحاجات المدرسية، وحاجات الأطفال الرضع، والكماليات (احتياجات أخرى)، والمواصلات، والخدمات الأساسية، والترفيه.