علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، يوم أمس، أن البنوك السعودية اتخذت أخيرا خطوات احترازية تجاه الشركات التي تتقدم بطلب الحصول على قروض مالية، إذ قررت تعيين فريق عمل مختص يتابع أوجه صرف القروض التي يتم تقديمها للشركات وآلية استثمارها، على أن يرتبط هذا الفريق بإدارة المخاطر التي تجيز تمويل هذه الشركات من عدمه.
ووفقا للمصادر ذاتها، فإن البنوك السعودية وضعت بعض الشركات التي تتقدم بطلبات الحصول على قروض مالية محلية تحت دائرة الرقابة الدورية لأنشطتها التشغيلية وقوائمها المالية، منها شركتان تعملان في قطاع الاتصالات السعودي، وشركات أخرى تعمل في قطاعات البناء والتشييد، والتجزئة، والتطوير العقاري.
ولمحت المصادر ذاتها، إلى أن إدارة المخاطر التي تجيز الموافقة على تمويل الشركات من عدمه، رفعت خلال الشهرين الماضيين من درجة الوقاية والحذر، إذ رفضت البنوك السعودية بناء على توصيات إدارة المخاطر ما نسبته 33 في المائة من طلبات التمويل التي تقدمها الشركات المحلية.
ورغم ارتفاع حجم الموجودات النقدية المتوفرة لدى البنوك السعودية خلال الآونة الأخيرة، فإن هذه البنوك شددت من درجات الحذر مع سن الاحتياطات اللازمة في عملية تمويل الشركات من عدمه، يأتي ذلك في وقت تعد فيه محفظة الإقراض من أكثر المحافظ ربحية لدى البنوك السعودية.
وحول معدلات الفائدة التي تتحصلها البنوك السعودية في حال تمويل الشركات، أكدت المصادر ذاتها لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الفوائد ترتفع بارتفاع درجة المخاطرة في التمويل، وقالت: «هناك شركات تعمل في قطاعات واحدة، لكن نسب التمويل بينها مختلفة، كل ذلك يعود إلى الوضع المالي للشركة، ومعدلات نموها في السوق المحلية، وغيرها من الأمور التي تلعب دورا مهما في تحديد معدلات الفائدة».
وتعليقا على هذه التطورات، أكد فضل البوعينين الخبير المصرفي والمالي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن ارتفاع درجات حذر البنوك في عمليات تمويل الشركات، بات أمرا مهما للغاية، وقال: «عند تقدم الشركة بطلب الحصول على قرض مالي من أحد البنوك السعودية، فإن هذا الطلب يمر أولا على إدارة المخاطر لدى البنك، وفي حال الموافقة عليه، يكون هنالك متابعة جديدة لطريقة التمويل وصرف المبلغ، مع متابعة شديدة لمستويات إيفاء والتزام الشركة المقترضة أيضا».
وبيّن البوعينين خلال حديثة، أن كثيرا من الشركات تطلب الحصول على تمويل بنكي بصورة عاجلة، وذلك للاستثمار في مشروعات جديدة، أو بهدف التوسع في الأنشطة التجارية وغيرها، إلا أن هذه الطلبات قد لا تجد القبول في حال توصية إدارة المخاطر بذلك.
وتأتي هذه التطورات في وقت أظهرت فيه النشرة الإحصائية لمؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، ارتفاع حجم الموجودات النقدية لدى البنوك المحلية مع نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي إلى 4.24 تريليون ريال (1.13 تريليون دولار)، بزيادة تبلغ نسبتها 73.1 في المائة عن مستوياتها قبل 5 سنوات (أغسطس 2009)، التي كانت تستقر عند مستويات 2.46 تريليون ريال (656 مليار دولار).
وعطفا على الأرقام هذه، فإن السعودية أصبح أمامها خيارات عدة للاستفادة من الموجودات النقدية المرتفعة لدى البنوك المحلية من جهة، والهروب من شبح زيادة معدلات التضخم في البلاد من جهة أخرى، يأتي ذلك في الوقت الذي يعد فيه اقتصاد البلاد من أكثر اقتصادات المنطقة تميزا واستقرارا خلال الفترة الحالية.
ويعكس ارتفاع حجم الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية، مدى انخفاض حجم الإقراض خلال الفترة الماضية، وسط تأكيدات مختصين لـ«الشرق الأوسط» أن تضخم أسعار العقارات في البلاد قلل من مستويات الطلب على القروض العقارية عما كانت عليه قبل عام 2011.
ويأتي ارتفاع معدلات الموجودات النقدية لدى البنوك السعودية في وقت بدأت فيه مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، اتخاذ حزمة من الإجراءات الجديدة المتعلقة بأنظمة الإقراض والتمويل، في وقت تعد فيه البنوك التجارية في المملكة من أكثر بنوك المنطقة ربحية خلال السنوات القليلة الماضية.
وبحسب تقرير سابق لمؤسسة النقد العربي السعودي، فإن 30 في المائة من أفرع البنوك المحلية والأجنبية العاملة في السوق السعودية موجودة في منطقة الرياض، و22.6 في المائة في منطقة مكة المكرمة، و18.8 في المائة في المنطقة الشرقية، و6.3 في المائة في منطقة القصيم، و6.2 في المائة في منطقة عسير، و4.7 في المائة في منطقة المدينة المنورة، في حين تتوزع النسبة المتبقية على بقية مناطق البلاد.