وصف نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) الدكتور عبدالله العبد القادر “الفساد” بالكائن الأسطوري ذي الرؤوس العدة كلما قُطع أحدها نما عوضا عنه ألف رأس جديد، مؤكدا في ندوة أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي الذي يرعاه عضو المجلس البلدي المهندس جعفر الشايب أن الفساد داء ينخر في نسيج المجتمعات على اختلافها.
وقال: “إنه ظاهرة قديمة وعالمية لها صور واساليب متعددة عايشتها الأمم منذ الأزل واجتهدت في سبيل تطوير منهجية لمكافحتها”، وأبان بأن مفردة الفساد وردت خمسين مرة في القرآن الكريم، موزعة على 47 آية في 21 سورة، وقال: “الفساد ظاهرة عالمية تسعى الدول جاهدة في سبيل القضاء عليها بسن التشريعات والأنظمة المتعلقة بتوصيف أفعال الفساد والعقوبات على من يدان به وإيجاد الأجهزة القضائية والرقابية والأمنية التي تقوم على مكافحته بالمتابعة والرقابة وضبط المخالف وإدانته، وإيقاع العقوبة عليه”. وشدد على أن الفساد أصبح يمثل قلقا حقيقيا لجميع البلدان على اختلاف مستوياتها، وتابع “له أسباب ترتبط بظروف عدة أبرزها الظروف الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية لكل بلد، وهو من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات، إذ إن آثاره وعواقبه وخيمة إذا استشرى وتفشى في مجتمع من المجتمعات مسبباً أضرار يصعب تداركها والقضاء عليها”. وعن جرائم الفساد قال: “إنها مصنفة، منها الرشوة، واستغلال النفوذ، وإساءة استخدام السلطة، واختلاس وتبديد المال العام، وغسل الأموال، والتزوير، وتزييف العملة، والغش التجاري”، مشيرا إلى أن للفساد أنواع، مثل الفساد الإداري الذي يتعلق بسلطات العاملين في الأجهزة العامة للدولة، والفساد المالي الذي يتمثل بمجمل الانحرافات المالية، ومخالفات القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها، والفساد الاقتصادي الذي ينجم عن تركّز السلطة الاقتصادية في كيانات احتكارية تعمل على المستوى الكلي أو القطاعي وامتلاكها هامشاً تقديرياً واسعاً في القرارات التي تتخذها مع ضعف الرقابة والمساءلة عليها سواءً كانت هذه الكيانات مملوكة للدولة أو مملوكة للقطاع الخاص، والفساد الذي يصيب المعاملات الاقتصادية في البيع والشراء ومبادلة في الأسواق، إذ يسود الغش والتلاعب وعدم الوفاء بالعقود والإخلال بالاتفاقيات والعقود.
وأكد على أن الفساد يعيق التنمية ويبدد الموارد، ما يسبب عدم الاستقرار والنهضة، وقال: “إن المملكة أولت مكافحة الفساد أهمية قصوى، إذ بدأت في سن الأنظمة والتشريعات منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز”، مشيراً إلى أنها وقعت الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تحمي النزاهة وتكافح الفساد، وتابع “من الاتفاقات صدر عن الديوان العالي بتاريخ 29/12/1347ه حول تنظيم الشكايات، وصدر عام 1377ه نظام للحد من استغلال الوظيفة العامة، كما وقعت المملكة على اتفاقيات دولية لمكافحة الفساد منها اتفاقية الامم المتحدة عام 2004م، وصادقت على اتفاقية عمل الجريمة المنظمة العابرة للحدود الإقليمية والبروتوكولات المكملة لها عام 2005م”. ورأى بأن هناك معوقات تتمثل في تطبيق الأنظمة، وتحدث عن المساعي لتوحيد هيئات مكافحة الفساد والرقابة عليها، وقال: “هناك استراتيجية وطنية لحماية النزاهة، ومكافحة الفساد التي أصدرها مجلس الوزراء عام 1428ه، وتهدف إلى مكافحة الفساد بشتى صوره ومظاهره، وهي استراتيجية تنطلق من الدين الإسلامي”.
وابان بأن الفساد يرتبط بمنظمات إجرامية عابرة للحدود، وشدد على أهمية إقرار مبدأ الوضوح المتمثل في الشفافية.