[JUSTIFY]أوصى إمام و خطيب المسجد الحرام الدكتور أسامة بن عبدالله خياط, المسملين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن والاستمساك بالنهج النبوي الذي تُحْفَظُ به النِّعَمُ، وتُؤدَّى به الحقوقُ، وتُوثَّقُ به الوشائجُ، وتشدُّ به على روابط الإخاء بين المسلمين.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام ” إذا اعتزَّ أقوامٌ بفضلِ مَنْزِعٍ، أو شرفِ مبدأٍ، وإذا افتخروا بسموِّ قدرٍ، وعلوِّ منزلةٍ، فإنَّ من حقِّ أهل الإسلام أنْ يعتزُّوا بسموِّ عقيدتهم، وأنْ يشرُفوا بسدادِ نهجهم، وكمالِ شريعتهم، التي جاءتْ بأفضل تخطيطٍ، تتوثُّقُ به روابطُهم، وتَقْوَى به الوشائجُ بينهم، إذ ارتفعتْ فوقَ كلِّ رابط حَسَبٍ أو نَسَبٍ أو مَصْلَحةٍ، إلى رابطة الأُخُوَّة الجامعة لكلِّ أسباب التَّوَادِّ والتعاطُفِ والتراحُمِ والوَلاءِ الشَّامل لكلِّ من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم رسولًا”. وأضاف يقول ” لقَدْ وَطَّد رسولُ الهُدى- صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه – دعائمَ هذا الإخاءِ الفريدِ بمبادئَ تصقُلُه وتُهذِّبُه، وتُنقِّيه من كل زائفٍ دِخيلٍ، وتُصحِّحُ واقعَهُ، فقال-صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه: “المُسلمُ أخو المسلم لا يظلمُهُ، ولا يُسلِمُه، ومَنْ كانَ في حاجة أخيه، كان اللهُ في حاجته، ومن فرَّج عن مسلمٍ كُربةً فرج الله عنه كربة من كُرَبِ يومِ القيامة، ومن ستر مسلمًا، ستره اللهُ يومَ القيامةِ” أخرجه الشيخان في صحيحيهما فبدأَ رسولُ اللهِ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في هذا التَّخطيط النبويِّ للإخاء الإسلاميِّ بإيجاب تجافي المسلم عن ظُلْمِ أخيه سواءً بسواءٍ، أكانَ ذلك باغتصاب حقِّه، أو النَّيل من عِرضه، بالتَّشهير به علانيةً، أو سرًّا، بكتابة ما يُخالف واقعَهُ؛ مما يكون به الإيقاعُ بالأبرياءِ لغاياتٍ أو دوافع نفسيَّةٍ، أو ليرتفعَ على أنقاضِ من رماهُ بالإفك والبُهتانِ، أو لتكونَ له الحظوةُ بحِيازةِ مَغْنَمٍ ماديٍّ، أو متاعٍ قليلٍ، أو لرفع مكانتِه وعلوِّ شأنِه وكلُّ ذلك من الظُّلمِ العاتي الذي يجبُ أنْ يترفَّعَ عنه المسلمُ لمناهضته الإخاءَ، وصدقَ الولاءِ، مُستحضرًا قولَ ربِّه الأعلى في الحديث القُدسيِّ: “يا عِبادي! إنِّي حرَّمْتُ الظُّلْمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا؛ فلا تظالموا” أخرجه الإمام مسلمٌ في صحيحه وقولَ رسولِه الكريم- صلى الله عليه وسلم-: “اتَّقوا الظُّلْمَ؛ فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يومَ القِيامةِ” أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما وقولَهُ أيضًا في وصيَّته لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه -: “واتَّقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنَّه ليس بينها وبين الله حجابٌ” أخرجه الشيخان في صحيحيهما.
وأوضح فضيلته أنه في إطار هذا التَّخطيط النبويِّ للإخاء الإسلاميِّ-أيضًا- أهابَ النبي- صلى الله عليه وسلم- بالمُسلم ألا يُسلِمَ أخاهُ للمكروه يستبدُّ به، ولا للضرَّاء تستأثر به، بل يجعل من نفسه عضُدًا له عند نزول البلاء بساحته، وسندًا يؤازرُهُ ويُناصره؛ ليُخفِّفَ عنه وقعَ الفاجِعة، وهَوْلَ الصَّدْمة، ولِيُزيحَ عن كاهله كابوسَ المِحْنةِ، وهو أمرٌ عامٌّ شاملٌ لا يختصُّ بأفرادٍ دونَ جماعاتٍ، ولا بمن له حقُّ الجِوار دونَ من بعُدَتْ به الدِّيَارُ، وشطَّ به المَزارُ، فالمسلمون جميعًا متضامنون في الآمال، متراحمونَ في الآلام، يصوِّرُ واقعَهُم أبلغُ تصويرٍ قولُ رسولِ الهُدى- صلوات الله وسلامه عليه – : “المؤمنُ للمؤمن كالبُنْيان يَشُدُّ بعضُهُ بعضًا” وشبَّك بين أصابعه. أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أمَّا خِذْلانُ الـمُسْلم لأخيه في المواطن التي يجب أن ينتصر له فيها، فهو استهانةٌ بحقِّه، وجحودٌ لأُخُوَّته، وتجرِئةٌ للأعداء على اقتحام ساحتِه، واستباحة حُرمته.
وأردف إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ أسامة الخياط يقول : وفي إطار التَّخطيط النَّبويِّ للإخاء الإسلامي أيضاً: نَلْحَظُ النَّدْبَ للتَّضحيَةِ بالرَّاحةِ وكلِّ محبوبٍ للنفس في سبيلِ قضاء حاجة المسلم، والسَّعي الحثيث لتفريج كُربته، مُلَوِّحًا بالوعد الكريم بالجزاء الضَّافي، مقابلةً للإحسان بالإحسان الذي هو في الذِّرْوَةِ من أيِّ جزاء، وذلك هو الرعاية الإلهيَّةُ، والمعونة الربَّانيَّةُ تصحَبُ مَنْ يبسُطُ جَناحَ رحمتِهِ على أخيه المسلمِ ما دامَ في حاجةٍ إلى بسط جناحه عليه، برِفدِه وكَفالتِهِ في قضاء حوائجه، أو تفريج كُربته، وإغاثةِ لهفته، أو ضمِّ صوتِه إليه في المطالبة بحقِّه ويتأكَّدُ ذلك في حق أرباب الجاه والمنزلة والمكانة؛ إذ بهم -بعد الله تعالى- تُقضى الحوائج، وتَنجابُ ظُلَم المحن، وترتفع البأساءُ والضرَّاءُ، وللجاهِ زكاةٌ كزكاة المال، لا مَنْدُوحةَ عن أدائها، والإخلاص لله فيها، حذرًا من تبدُّل الحال، وزوال النعمة؛ فإنَّ اللهَ أغيرُ على نِعَمه من أنْ يَدَعها بيد من لا يقوم بحقِّه فيها، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني في الكبير، بإسنادٍ حسنٍ عن عبد الله بن عمر – رضِيَ اللهُ عنهما- أنَّ رسولَ اللهِ-صلى الله عليه وسلم – قال: إنَّ للهِ تعالى أقوامًا يختصُّهم بالنِّعم لمنافع العباد، ويُقِرُّها فيهم ما بذلوها؛ فإذا منعوها نزعها منهم، فحوَّلها إلى غيرهم .
وأوضح الشيخ أسامة الخياط أنَّ اللهَ تعالى جعل رابطة المؤمنين على أساس العقيدة والأخوة في الله، فأخبر عن ذلك المعنى بقوله ( إنما المؤمنون إخوة فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) ، وهو إخبارٌ منه بما يجبُ أنْ يكونَ واقعًا ملموسًا، وقال فضيلته : لا مجالَ لجعله كلامًا وأمانيَّ لا حقيقةَ لها؛ لأنَّ المؤمنين حين آمنوا بربِّهم، وصدَّقوا برسوله وبما جاءهم من عنده، توحَّدَتْ وِجهتُهم، واجتمعَتْ قلوبُهم، ولا تنافُرَ بين قلوبٍ اجتمعت على إيمانٍ بالله، وعمَرَها حُبٌّ شديدٌ لله، ولرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ الإيمانَ قوَّةٌ جاذبةٌ تبعَثُ أهلَها على التعاطُفِ والتقارُب وهو التآلفُ وكانَ هذا التَّآلُفُ القائمُ على العقيدةِ والأُخُوَّةِ في اللَّه جديرًا بهذا المَثَل النَّبويِّ العظيمِ الواردِ في قوله-عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-: مَثَلُ المؤمنينَ في توادِّهِمْ وتراحُمِهم وتعاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ إذَا اشتكى منهُ عضوٌ تَداعى له سائرُ الجِسَد بالسَّهَرِ والحُمَّى أخرجه مسلمٌ في صحيحه ؛ وإنَّ هذا التوادَّ والتراحُمَ ليغرِسُ في نفس المسلم الشُّعورَ بالمسؤوليَّة نحوَ مجتمعه وأمَّته، وهو شعورٌ يُشكِّلُ دائرةً تترابطُ فيها الحلَقَاتُ، كلُّ حلْقةٍ منها تُمثِّلُ مصلحةً عامَّةً للمسلمينَ، ومن واجب المسلم أن يُسهِمَ فيها بحسَبه؛ ليدُلَّ بذلك على أنَّه عضوٌ عاملٌ في هذا المجتمع، وحصنٌ حصينٌ دونَه، لا يُؤتى المسلمونَ من قِبَله، وإنَّ هذا الشُّعورَ بالمسؤوليَّة لا يكفي فيه إبداءُ المشاعر الطيِّبةِ، دونَ اتِّخاذ خطواتٍ إيجابيَّةٍ تُعبِّرُ عن الشُّعور بالمسؤوليَّة والاهتمام بأمر المسلمين .
وأكد إمام و خطيب المسجد الحرام أنه إذا سار المسلمونَ على الدَّرْبِ وأخذوا بما أخذ به السَّلَفُ من وسائل الشَّدِّ على الأواصر، ورَبْط الأخِ بأخيه، برابطة الحبِّ في الله، وهَجر كلِّ شعارٍ أو نداءٍ أو تحزُّبٍ وضع الإسلامُ من شأنه؛ عندئذٍ تبلغ الأمَّةُ ما تُريد من خيرٍ، وتتبوَّأ المكانة اللائقة بها تحت الشَّمس، أمَّةً من حقِّها أن تسودَ، وأنْ تقودَ، لا بالحديد والنَّار، ولا بالقهر والإرهاب، بل بدعوتها السَّامِيَة، وعقيدتها الصَّافية، ومُثُلها الرَّفيعة.[/JUSTIFY]
- 20/11/2024 أمير منطقة الرياض يرأس الاجتماع السنوي الثاني للمحافظين ومسؤولي إمارة المنطقة
- 17/10/2024 تحت شعار ” تخدير آمن للجميع “مستشفى عفيف العام يحتفي باليوم العالمي للتخدير
- 14/10/2024 وزارة الإعلام تعلن عن النسخة الخامسة من جائزة التميُّز الإعلامي2024
- 07/10/2024 محافظ عفيف يدشّن حملة التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية
- 11/09/2024 محافظ عفيف يترأس جلسة المجلس المحلي الثانية
- 31/08/2024 تعليم الرياض تقرر إلغاء إدارات التعليم في المحافظات خلال 60 يومًا
- 01/08/2024 مستشفى عفيف يُدشن انطلاق البرامج التوعوية باليوم العالمي للالتهاب الكبدي 2024م
- 31/07/2024 الحقيل يوجه بمنح مستفيدي منتج “البناء الذاتي” و”أرض وقرض” مهلة تصل إلى 16 شهرًا إضافية لإكمال مراحل بناء منازلهم
- 19/07/2024 وزارة الصحة تؤكد استمرار عمل أنظمة المعلومات الصحية بكفاءة
- 19/07/2024 سدايا” تؤكد عدم تأثر أنظمتها والأنظمة الوطنية المستضافة لديها في المملكة من العطل التقني الذي ضرب معظم دول العالم اليوم
محليات > خطيب الحرم المكي: الإيمانَ قوَّةٌ جاذبةٌ تبعَث أهلَها على التعاطُفِ والتقارُبْ
12/05/2017
خطيب الحرم المكي: الإيمانَ قوَّةٌ جاذبةٌ تبعَث أهلَها على التعاطُفِ والتقارُبْ
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.afifnp.com/?p=330931