أبدى أعضاء بمجلس الشورى استياءهم الشديد من تعاطي وزارة الإسكان مع ملف الإسكان، واصفين إنجازاتها بالمتواضعة جداً رغم حصولها على العديد من المميزات المنعكسة في الدعم الحكومي للسيولة الهائلة والموارد البشرية والأراضي والصلاحيات، وذلك على حد قولهم.
واعتبرت لجنة الإسكان والخدمات العامة بالمجلس أن نسبة الإنجاز لعدد كبير من المشروعات الإسكانية في مناطق المملكة المختلفة متدنٍّ ومتأخر، وأنه لم يتم تسليم وحدات سكنية للمواطنين بما يتلاءم مع المهام الأساسية للوزارة ولا مع الإمكانات التي سخرتها الدولة عبر الخمس سنوات الماضية من كوادر بشرية وصلاحيات ومال وأراضٍ، كما لا يتلاءم أيضاً مع حجم الطلب المتنامي على الإسكان وكل هذا يتطلب العمل السريع الفعّال لمواجهة التحدي بطرق مختلفة.
ووفقاً لـ ?الرياض? فقد أكد الدكتور فهد بن جمعة نائب رئيس اللجنة المالية بالمجلس أن أزمة الإسكان لها تاريخ طويل وليس من السهل حلها على المدييْن القصير والمتوسط ولكن من المتوقع أن تتلاشى هذه الأزمة على المدى الطويل.
وأوضح ابن جمعة أن الأزمة الحقيقة هي في المخزون من المساكن، حيث إن الفجوة بين عرض المساكن والطلب عليها كبيرة جداً؛ مما أسهم في ارتفاع أسعار المساكن لقلة المعروض وتحكم العقاريين والمطورين في أسعار الأراضي والمساكن على السواء بممارسة سياسة احتكارية مع غياب المعلومات الكافية والدقيقة من خلال تقليص المعروض من الوحدات السكنية في ظل ارتفاع الطلب من قبل المواطنين.
وشدد على أن الحلول المقدمة في مجال الإسكان لا زالت قاصرة ولا تتناسب مالياً مع دخل الأسرة ولا نوعياً مع رغبات العديد من شرائح المجتمع، مشيراً إلى أن أسعار الأراضي لا زالت مرتفعة جداً وهي تمثل النسبة الأكبر من قيمة بناء السكن لمن يريد الحصول على قرض وبناء سكن له، أما من يرغب في الشراء مباشرة من المطورين فما زالت الأسعار مرتفعة أيضاً طبقاً لمساحة السكن وجودته، والخلاصة -كما يقول ابن جمعة- إن السكن أزمة معروض وغياب المنافسة سواء على مستوى العقاريين أو المطورين مقابل طلب مرتفع جداً من المواطنين أصحاب الدخول المتواضعة.
فيما اعتبر رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس د. عبدالله عبدالكريم السعدون أن وزارة الإسكان أضاعت سنوات وعدداً من الفرص أوقات الوفرة المالية، لكنه أكد من واقع ما تصرح به الوزارة في الوقت الحالي وما لديها من خطط واتفاقيات مع البنوك والقطاع الخاص ومؤسسة النقد فأنه على يقين أن أزمة السكن في طريقها إلى حلول جذرية خاصة في ظل عمل الحكومة على إيقاف هذا الصعود الكبير?.
وشدد السعدون على ضرورة استعادة الأراضي التي منحت لوزارات أو أشخاص ولم تستثمر لما منحت له وقال ?يجب أن يعاد توزيعها على من لا يملك سكن بشرط عدم بيع الأرض أو منحه الصك إلا بعد بنائها? كما أيَّد فرض ضريبة على تجار العقار الذين لا توجد حدود لجشع بعضهم، خصوصاً مَن يرفعون الأسعار بنِسَب مبالغ فيها.
وأكد أن الوزارة تواجه مشكلة عدم مرونة عرض المساكن، حيث تشير التقديرات إلى أن السوق يحتاج إلى ما يقارب 900 ألف سكن مباشرة وما يقارب 190 ألف سكن جديد سنوياً حتى يتم السيطرة على الطلب.
وأضاف ابن جمعة: بذلك عجزت الوزارة أن تقترب ولو نسبياً من تلبية حاجة السوق من الوحدات السكنية المتنوعة والمرتبطة بهذا الطلب المباشر وبتمويل لا يرهق عاتق المواطن ولا يسمح للبنوك باستغلالهم وعلى مدد طويلة وبأسعار فائدة متدنية، ولم تستطع الحد من ظاهرة الاحتكار العقاري وبمشاركة الجهات الأخرى لخلق بيئة عقارية تنافسية تقدم أفضل المنتجات السكنية بجودة عالية وبمساحات متنوعة وعند أسعار تنافسية، كما لم تتبنَ فكرة إقامة المجمعات السكنية (دبلكسات أو شقق) في الضواحي، حيث تكون الأراضي رخيصة والمساكن تتناسب مع شريحة كبيرة من المجتمع.
وقال بأن هذا العجز أدى إلى إضعاف سياساتها السكنية وأدائها مما حرمها من رضا المواطن الذي يعتبر المقياس الحقيقي لأدائها، وترتب على ذلك ارتفاع الإيجارات ارتباطاً طردياً مع قيمة السكن بعد ارتفاع أسعار المساكن، ويرى ابن جمعة أن الحل هو الإسراع في زيادة مخزون المساكن بأقصى كميات ممكنة سنوياً وعلى مدى 5 سنوات وبحد أقصى 10 سنوات ليكون السوق بعد ذلك تحركه عوامل السوق بكل كفاءة وفاعلية.
من جانبه شدد نائب اللجنة الصحية عبدالله العتيبي على أهمية تفعيل الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني ووزارة الإسكان، خاصةً وأن الخطط الخمسية وحالياً برنامج التحول الوطني بادر إلى إعطاء مساحة أكبر لهذه المؤسسات وتفعيل دورها في شتى المبادرات ومنها خطط ومبادرات وزارة الإسكان.