[JUSTIFY]حذر إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ الشريف الشيخ د. علي الحذيفي ? في خطبة الْجُمُعَة ? من الفرقة والاختلاف ومن زلات اللسان قولاً وكتابة، داعياً إلى التلاحم والقوة والثبات أمام أعاصير الفتن لدحر كيد الأعداء ودفع فساد كل ذي شر.
وقال: إن مما حَذَّرَ منه الإسلام زلات اللسان ومهلكاته فإن القول والكتابة الباطلة تفرق الصف، وتشتت الشمل، وتخالف بين الوجوه وتشعب الأهواء وتضل عن الحق وتوسع الخلاف، قَالَ صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ?من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت?، ولما حَذَّرَ النبي من الفتن بين أكثر من مرة أن القول بالباطل فيها هلاك، فقال: ?اللسان فيها أشد من وقع السيف?، رحمة بالأمة وحفظاً للدين، ودرءاً للفتنة وأسْبَابها.
وأَضَافَ: استديموا نعمة الأمن والاستقرار والرخاء بالتقرب إلى المولى بالعبادات ومجانبة المحرمات، قَالَ الله تعالى: ?فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف?.
وَتَابَعَ: إن الشرع المقدس أمر بالاجتماع والاتفاق ونهى عن الاختلاف والافتراق؛ حفظاً للدين الإسلامي الذي لا تقوم الحياة إلا به، ولا تنال الجنة إلا بالعمل به، وحفظاً للمجتمع من التصدع والتخلخل والفوضى والتنازل والبغي والفساد، ووقاية من التصادم والتنابذ والبغضاء والتطاحن، وحماية للمصالح والمنافع والحقوق الخَاصَّة والعامة وتَحْقِيقَاً للأمن والعدل والاستقرار.
وأَرْدَفَ قائلاً: إن الترابط والتوافق والتكافل والتراحم ومناصرة الحق ونبذ الخلاف ونبذ التفرق حصن يأوي إليه المجتمع وموئل يسع الناس، ومأمن للجميع وقوة للدين وحفظ المنافع الدنيا، وحذر من الفتن المضلة، وسلامة وعافية من كيد الأعداء وضررهم، ومن وصايا النبي صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النافعة التي تضمنت أوامر التعاضد والتلاحم والاجتماع، ونهت عن الفرقة والاختلاف والابتداع فجمعت الدين والدنيا قوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفاً كَثِيرَاً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعضوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ).
وذكر الشيخ الحذيفي: أنه من رحمة الله بالمسلمين أن حذرهم من الفتن عامة فقال عَزَّ وَجَلَّ: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّة ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، وكما نهى الشرع المقدس عن الفتن عامة وحذر منها لضررها؛ حَذَّرَ من فتن خَاصَّة تضر صاحبها وتضر العامة فقد حَذَّرَ الشرع من أن يشذ الفرد عن الجماعة، ومما حَذَّرَ منه الإسلام الافتتان بالدنيا وإهمال أَعْمَال الآخرة ونسيانها، والفلاح والفوز هم العمل للآخرة، والعمل لإصلاح الدنيا وعمرانها بكل نافع ومفيد يعز الدين ويفي بحاجات المسلمين، ويعف المرء المسلم عن ذل المسألة ويبسط يده بالنفقة في أبواب الخير.
وبيّن إمام الحرم النَبَوِيّ أن أول خلاف في الأمة خروج المنافقين على الخليفة الراشد عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْه دافعه حب الدنيا، كما هو ثابت ومدون في التاريخ طمعاً في مناصب الدنيا فما نالوا إلا خزياً وحرماناً وبغضاً وهلكوا واحداً واحداً على سوء حال والعياذ بالله، وفي هذا الزمان البعيد العهد بالنبوة صارت الدنيا فتنة للكثير فالخصام فيها، والتواصل والمؤاخاة لمنافعها والتوافق على مصالحها، والتباغض والتقاطع والتهاجر عليها، ومقادير الناس بها فصارت سبباً في اختلاف الأهواء وقلة الحب في الله تعالى.[/JUSTIFY]