هل تعلم ما هي أول طائرة تعرفها بلادك السعودية ؟ الكثيرون قد لا يعلمون أن أول طائرة هبطت في السعودية لم تكن في مطار مهيأ وشهير، ولم تكن كذلك في مدينة كبرى من مدن المملكة، بل كانت في مراعي تتوسطها أعشاب الرمث والبسباس والأقحوان .
وتقع تلك الأرض الموعودة بذلك الحدث التاريخي في محافظة عفيف غربي العاصمة السعودية الرياض، حيث لم تكن الأرض آنذاك مهيأة لهبوط الطائرة نظرا لأنها تعد مرعى من مراعي الماشية بعد أن كانت تتوسطها أعشاب برية مختلفة الأمر الذي دفع رجال الفلاحة وعدد من المواطنين بالعمل ليلاً لتسوية الأرض تسهيلا لعملية هبوط الطائرة في صباح اليوم التالي.
مهداة من ثالث أعظم رئيس لأمريكا للمؤسس
تلك الطائرة التي قد تسمع بها لأول مرة هي طائرة من نوع “دوجلاس دي سي3 داكوتا ” وكانت مهداة للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من الرئيس الأمريكي ” روزفيلت ” الرئيس الثاني والثلاثين لبلاد العم سام وذلك في أعقاب اجتماع تاريخي جمعهما في قناة السويس في الرابع عشر من فبراير من العام 1945.
بهذه الكلمات داعب الملك عبدالعزيز مرافقيه في الطائرة
سبعة عقود من الآن، هبطت أول طائرة تعرفها السعودية في 4 أكتوبر من العام 1945، حين كان يقضي الملك عبدالعزيز بعضا من وقته في محافظة عفيف، وفي الليلة التي سبقت هبوط الطائرة داعب المؤسس مرافقيه قائلا “بكرة ناس في الأرض وناس في السماء” في إشارة لمن سيرافقه على متن طائرة الداكوتا التي ستقله لأول مرة من محافظة عفيف لمحافظة الحوية في منطقة الطائف .
ورافق الملك آنذاك أبناءه بندر بن عبدالعزيز والملك الراحل فهد بن عبدالعزيز وعدد لا يتجاوز الخمسة عشر من المواطنين.
ما هو مصير مهبط تلك الطائرة الآن ؟
الشيء الذي تتوقعه الآن هو أن مكان هبوط الطائرة بات معلما من معالم السعودية والمحافظة التي استقبلتها لأول مرة، وقد تظن أيضا أن ذلك المكان بات مطارا دوليا كونه يعد حاضنا لحدث عظيم من الأحداث التي سيخلدها التاريخ طويلا، لكن شيئا من هذه الظنون لم يحدث أبدا بل عادت بعد قرابة الـ 75 عاما أعشاب الرمث والأقحوان لتغطي معالمه ولينسى ..
كان هذا ما يشعر به الإعلامي فهد الغبيوي الذي كتب كثيرا حول تلك الحادثة وحول المحافظة التي تعرف بـ”عالية نجد” ويسكنها قرابة الـمئة والخمسين ألف مواطنا، ويقول لـ”عين اليوم” لن نذهب بعيدا لدول أخرى متقدمة جدا، بل سأذهب بكم لدولة الإمارات فهي قامت بتخليد أول مهبط “مطار” تهبط به أول طائرة في الإمارات ليصبح بعد ذلك متحفا عملاقا في أمارة الشارقة ” .
ويضيف الغبيوي: “أغلب السكان هنا لا يعرفون شيئا عن هذا الحدث، بل ليس هؤلاء فحسب ثمة عدد كبير من المواطنين في السعودية يجهلون ذلك الحدث، وتساءل الغبيوي: “ألا يفترض بأن يشيد مطارا يحمل اسم المؤسس، فالعدد هنا يتجاوز مئتي ألف نسمة حين نضيف عدد سكان القرى والهجر”.
واختتم الغبيوي حديثه قائلا: “الحدث والتاريخ والسكان ومعاناتهم جميعها كفيلة بالنظر في مدى احتياج محافظة عفيف لمطار إقليمي .
وما إن كنت تتساءل عن مصير طائرة “الداكوتا” الشهيرة الآن، فهي لا تزال خالدة في ركن من أركان متحف صقر الجزيرة في الرياض ومتاح لك زيارتها وركوبها أيضا.