تعتبر السمنة معضلة من معضلات العصر، في ظل ما تنذر به من متاعب صحية خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري واضطرابات القلب.
ويشكل النظام الغذائي المعاصر أبرز سبب لتفاقم ظاهرة زيادة الوزن والسمنة؛ لا سيما أن الطعام صار أكثر وفرة بعدما ساعد العلم على تسريع إنتاج الأغذية.
لكن ما نتناوله يوميًّا حتى نمد أجسامنا بالطاقة اللازمة ليس مفيدًا على الدوام؛ بل قد يؤدي إلى إلحاق أضرار بالغة بالصحة.
وبحسب “سكاي نيوز عربية” يرى الخبراء أن مشكلة الغذاء تكمن في جانبي الكم والكيف؛ أي أننا قد نأكل أكثر مما نحتاج إليه، أو أننا نُقبل على أطعمة ذات نسبة عالية من السكر والدهون.
وفي الولايات المتحدة، مثلًا، تشير البيانات إلى أن ما يقارب 40% من الأشخاص البالغين يعانون من السمنة.
ويعاني 30 مليون أمريكي من مرض في القلب؛ فيما أكد واحد من أصل كل عشرة، عن إصابته بداء السكري الذي ينجم بشكل أساسي عن التغذية غير الصحية.
وفي سنة 2016، رجّحت منظمة الصحة العالمية أن يكون مليارا شخص على الأرض ضمن الفئة السكانية التي تعاني زيادة الوزن أو السمنة.
ويرى بعض الخبراء أن نمط حياتنا المعاصر شَهِدَ تحولًا كبيرًا؛ حتى إنه لم يعد ملائمًا لما نواظب على أكله منذ 50 سنة.
وتسعى دراسة أعلن عنها في صحيفة “ساينس أدفانسز” العلمية، إلى إجراء تجربة بهذا الشأن؛ أي قياس تطور النمط الغذائي ومدى تناسبه مع نمط الحياة.
وقامت الدراسة بملاحظة عادات قبائل “توركانا” شمال غربي كينيا، لا سيما أن فرقًا قد لوحظ بين السكان الذين حافظوا على نمط الحياة التقليدي، وبين من هاجروا إلى المدينة وصاروا يأكلون بشكل عصري.
وبفضل هذه التجربة، أدرك الباحثون فوائد النظام الغذائي الذي كان يتبعه أجدادنا من البشر القدامى.
وشملت الدراسة عينة من 1226 شخصًا بالغًا في 44 موقعًا، فكشفت النتائج أن من واصلوا تناول الطعام بصورة تقليدية وأقرب إلى البدائية، حافظوا على صحة أفضل بكثير، وسجلوا أداء عاليًا جدًّا في عشرة مؤشرات صحية.
أما الأشخاص الذين انتقلوا إلى العيش في المدن فكانت صحتهم أسوأ بكثير، والسبب هو أن نمط غذائهم اختلف عما كان عليه قبل الهجرة.
وبالتالي؛ فإن العودة إلى النظام الغذائي القديم قد يكون مفيدًا جدًّا، كما أنه يستطيع أيضًا أن يقي من أمراض خطيرة تنجم عن السمنة.
ويقول الخبير الصحي الأمريكي، ديسكستر شونر: إن أغلب الأنظمة الغذائية القديمة كانت تعتمد على النبات، كما هو حال القبائل الكينية المشمولة بالدراسة.
وأوضح أن الآسيويين، مثلًا، اتبعوا نظامًا غذائيًّا يعتمد على الأرز، طيلة عقود؛ بينما اهتمت حضارة الإنكا بالبطاطس، في مقابل تركيز كل من “الأزتيك” والمايا على الذرة، إضافة إلى اعتماد المصريين القدامى على القمح.
أما الفارق الأبرز في يومنا هذا -بحسب الباحث- فهو حجم الأغذية المتحولة التي نتناولها، دون أن نفطن إلى مدى ضررها على الصحة.