إخبارية عفيف – فهد العمري :
أجاز المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن بن ناصرالعبيكان سفرالمرأة بدون محرم "إذا أمنت على نفسها" كسفرها بالطائرة على أن يستقبلها أحد محارمها عند وصولها.
واستغرب الشيخ العبيكان ممّن يحرّم سفر المرأة بدون محرم(على الإطلاق)متسائلاً كيف يجيز من يقولون بذلك لأنفسهم استقدام خادمات من الخارج ومن بلدان بعيدة بدون محرم مشيراً إلى التناقض العجيب في ذلك لاسيما عندما يمنع مثل هؤلاء الخادمات من الحج بحجة أن ليس معها محرم ناسياً أنه قد لا يتيسر لها الحج لو رجعت إلى موطنها سواء كانت بمحرم أو بدونه،في الوقت الذي يجيز فيه هؤلاء سفرها أصلاً من مسافات بعيدة بلا محرم لتعمل لديهم.
وأوضح الشيخ العبيكان أن الله عز وجل لم يشرع حكماً ولا سنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً إلا "لعلّة"علمها من علمها وجهلها من جهلها وقد تكون علّة منصوصة وقد تكون مستنبطة موضحاً أن علّة عدم جواز سفر المرأة بدون محرم هي "الخوف"عليها من الاعتداء خصوصاًَ في السفر قديماً أما الوسائل الحديثة كالطائرة فالمدة في الغالب يسيرة ولا يستطيع أحد الاعتداء عليها. أما مسألة التحرش بكلام وغيره فهو يحصل في السوق وعبر الهاتف وفي كل مكان فليس هو المقصود.
وقال معاليه إن ديننا دين العقل والعلم ولم يشرع الله عز وجل حكماً عبثاً فالشرع منزّه عن العبث ومالا فائدة فيه فإذا كانت المرأة معرضة للاعتداء في سيرها وحدها في طريق مظلم ليس به أحد بل وربما في بيتها إذا كانت وحدها ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون معها في هذه الحالة محرم فكيف يشترط البعض المحرم في السفر بالطائرة ومع الأمن عليها فإن هذا لا يتصور في هذه الشريعة المحكمة،موضحاً أن من يقول انه قد تختطف الطائرة فإن محرم المرأة في هذه الحالة لو كان معها وقتها سيكون مختطفاً ولن يستطيع عمل شيء.
وأضاف : لوقلنا باشتراط المحرم بدون النظر للعلّة ومع وجود الأمن لضيقنا على الناس و"أثّمنا" النساء المدرسات اللاتي يذهبن مع سائق كل يوم مسافات طويلة ليقمن بالتدريس في بلدان بعيدة مع كثرتهن ولضيقنا كذلك على من يريد زوجته أن تسافر من مدينة لأخرى وهناك من يستقبلها عندما يكون مرتبطاً بعمل.
وأفاد العبيكان أن الشيخ عبدالله بن جبرين عندما سئل عن حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر أجاب:" لا بأس عند المشقة على المحرم كالزوج أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتسن للمحرم صحبتها فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سيستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تقدم فيه ورقم الرحلة وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون عرضه للضياع أو لاعتراض أهل الفساد ،وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات وهذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال فلا ينطبق على المدة القصيرة ولأن الضرورات لها أحكامها". وأكد العبيكان في هذا السياق على وجود العديد من الأدلة المؤيدة لهذا القول منها ماذكره البخاري أن عمر أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وحديث عائشة رضي الله عنها قالت قلت:يارسول الله ألا نغزو ونجاهد معكم ؟فقال :لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور قالت عائشة :فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.ثم قال الحافظ:لاتفاق عمر وعثمان وعبدالرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك ومن أبى ذلك من أمهات المؤمنين فإنما أباه من جهة خاصة كما تقدم لا من جهة توقف السفر على المحرم ثم قال الحافظ: وقد احتج له بحديث عدي بن حاتم مرفوعاً ((يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا زوج معها))الحديث وهو في البخاري وتعقب بأنه يدل على وجود ذلك لا على جوازه وأجيب بأنه خبر في سياق المدح ورفع منار الإسلام فيحمل على الجواز،كما أورد البخاري حديث عدي بن حاتم قال:"بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل فقال:ياعدي هل رأيت الحيرة؟قلت:لم أرها،وقدأنبئت عنها قال:فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله"الحديث قال الحافظ قوله الظعينة:المرأة في الهودج،وهو في الأصل اسم للهودج،وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله لا يشترط المحرم في الحج الواجب كسفر الهجرة،وعنه :لايشترط في القواعد.
وأضاف :واختار شيخ الإسلام ابن تيمية :"تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم وقال:هنا متوجه في كل سفر طاعة"،وعن أحمد:لا يعتبر في سفر الفريضة،وروي عن الشافعي وجعلوه مخصوصاً من عموم الأحاديث بالإجماع،وكذلك قال أبو حامد:ومن أصحابنا-أي الشافعية- من قال :لها الخروج بغير محرم في أي سفر كان واجباً أو غير.وهكذا ذكر المسألة البندنيجي وآخرون.وقال بعض أصحابنا:يجوز بغير نساء ولا امرأة إذا كان الطريق آمناً،وبهذا قال الحسن البصري وداود". ودعا الشيخ العبيكان في نهاية حديثه إلى التيسير على الناس الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:"يسروا ولاتعسروا وبشروا ولاتنفروا"وقول عائشة رضي الله عنها:"ما خيّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً.."وقبل ذلك قوله تعالى ماجعل عليكم في الدين من حرج)وقولهيريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)وغير ذلك من النصوص والقواعد المقررة.